آخر تحديث :الإثنين-29 ديسمبر 2025-12:24ص
أخبار وتقارير


وطن يُنهَب… وشعب يُطالبونه بالصمت!

وطن يُنهَب… وشعب يُطالبونه بالصمت!
الأحد - 28 ديسمبر 2025 - 09:44 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

بقلم/ الشيخ نصر عوض عاطف الجردمي

في مفارقة صادمة تثير الدهشة والاستغراب، يُطلب من أبناء الجنوب مغادرة أرضهم، وإحلال قوات أخرى بدلاً عنهم في سابقة لا يقبلها منطق ولا يبررها عقل. كيف يُطلب من أصحاب الأرض الشرعيين أن يخرجوا من وطنهم، بينما تُفتح الأبواب لقوى مجهولة المصدر والهوية؟ وهل أبناء حضرموت والجنوب عموماً إلا هم أهل الأرض والوطن؟ فأي عدالة هذه، وأي عقل يقبل بمثل هذا العبث؟

إذا كان الهدف هو الأمن والاستقرار، فأولى الخطوات هي منع تهريب السلاح إلى مليشيات الحوثي، ووقف العمليات الإرهابية والإجرامية التي تستهدف أبناء الجنوب وقواته المسلحة. وإذا كان المطلوب هو الاستقرار الاقتصادي، فكيف يُسمح بتهريب النفط، وتشغيل مصانع تكرير بدائية في الصحاري، وإهدار الخام في الرمال، بينما يُطالب أبناء الجنوب بالتخلي عن ثرواتهم وتركها عرضة للنهب والفساد؟

يُراد لأبناء الجنوب أن يصمتوا، وأن يتركوا ممتلكاتهم وثرواتهم تُنهب، بينما يعاني المواطن من الجوع والفقر والمرض، وتتوقف المرتبات، وتتفاقم معاناة الناس في أبسط مقومات العيش الكريم.

تُطالب الجماهير بالكهرباء، فيما تتعطل المستشفيات بسبب انقطاعها، بحجة عدم توفر مادة المازوت، في الوقت الذي تُهرَّب فيه هذه المادة وتُهدر في الصحراء، وتُدار عمليات تكرير نفط غير قانونية لصالح متنفذين لا يرون في الوطن سوى غنيمة.

وفي الوقت ذاته، تستمر شبكات تهريب السلاح، بما فيها الطائرات المسيّرة والصواريخ، التي تُستخدم لتهديد دول الجوار واستهداف أمن المنطقة، عبر صحارى مفتوحة وعصابات لا تؤمن بوطن ولا بحقوق مواطن.

فأي منطق يفرض إبعاد القوات الوطنية الجنوبية التي أثبتت قدرتها على تأمين الصحراء، ومنع التهريب، والتصدي لتنظيمات الإرهاب كـ«القاعدة» و«داعش»، وحماية الثروات الوطنية؟

إن ما يُطلب اليوم من أبناء الجنوب ليس انسحاباً عسكرياً فحسب بل تخلياً كاملاً عن السيادة والحق والكرامة. وهي مفارقة عجيبة لا يمكن القبول بها تحت أي ذريعة.

إننا نخاطب كل من يدّعي الحرص على السلام والإنسانية: إن ثروات هذا الوطن ملك لشعبه، وهي كفيلة بتأمين رواتب الموظفين، عسكريين ومدنيين، ودعم قطاعات الصحة والتعليم والزراعة لو توقّف نهبها وتهريبها. لكن ما يحدث هو العكس تماماً، فالثروات تُنهب، والفوضى تُصنع، والأزمات تُفتعل، حتى وصل الحال بالإنسان إلى بيع ممتلكاته، بل وأجزاء من جسده، من أجل لقمة العيش أو علاج مريض.

نسأل دعاة الحقوق والإنسانية:

أترضون هذا لأهلكم؟

أترضون هذه المذلة لآبائكم وأمهاتكم؟

أترضون لأطفالكم أن يموتوا دون دواء، ولكبار السن أن يئنّوا دون رعاية؟

أترضون أن تحكم العصابات، وأن تسود ثقافة النهب والقتل وقطع الطرق، في وطنكم؟

إن هذا الوطن وطننا، ولن نتراجع عن الدفاع عنه. سنفديه بأرواحنا ودمائنا، ولن نسكت على الظلم والنهب مهما كلفنا الثمن.

هيهات منا الذلة، وهيهات منا القبول بالعار.

سنعيش على هذه الأرض أحراراً… أحراراً… أحراراً.

هذه رسالتنا، فليسمعها من يعنيه الأمر جيداً.