لقد مثل الحسم العسكري الذي تحقق في وادي وصحراء حضرموت وكذلك المهرة لحظة تاريخية فارقة في إحكام السيطرة الكاملة على جغرافية الجنوب من حوف المهرة شرقًا إلى مضيق باب المندب غربًا. لم يعد الحديث اليوم يقتصر على تحرير وتأمين المناطق والحدود، بل امتد ليشمل جهودًا لتطهير ما تبقى من بؤر الإرهاب والتهريب والظلام.
ويؤكد هذا الإنجاز الجديد للمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، بما في ذلك الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، أن شعب الجنوب وقيادته السياسية وقواته العسكرية والأمنية هم الطرف الأكثر موثوقية في المنطقة للشراكة في مكافحة الإرهاب، ومنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين والمخدرات والقرصنة البحرية، وكذلك في حفظ الأمن والاستقرار الدوليين وتأمين خطوط التجارة الدولية والشحن البحري في بحر العرب وخليج عدن ومضيق باب المندب.
كما مثل الاحتشاد الواسع والتدافع الجنوبي غير المسبوق نحو ساحات الاعتصام من كل الفئات والشرائح الاجتماعية والمدنية والمهنية، واستمرار الزحف من جميع المديريات والمحافظات، بما في ذلك ساحة الحرية بخور مكسر/عدن، مؤشرًا قويًا على تأييد ومباركة انتصارات الحسم العسكري، ودعوة القيادة السياسية الجنوبية ممثلة بالرئيس عيدروس الزبيدي إلى إعلان استعادة الدولة الجنوبية.
وقد لفتت هذه التطورات اهتمام المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، ومن ضمنهم دول الرباعية الدولية، وفرنسا، والصين، وألمانيا، ودول الاتحاد الأوروبي، وجميع المنظمات الدولية، إلى ضرورة التعامل مع المعطيات الموجودة على الأرض والاعتراف بدولة الجنوب، خاصة بعد خروج آخر جندي من قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت، ليصبح الجنوب من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا تحت السيطرة الكاملة لأبنائه.
وفي سياق متصل، ساهم أبناء الجاليات الجنوبية في الخارج في دعم اعتصامات إخوانهم في الداخل، من خلال الاحتشاد أمام مقر الأمم المتحدة في الولايات المتحدة، وبريطانيا، ورفع العلم الجنوبي عاليًا، مطالبين بالاعتراف بدولتهم.
ويكتسب التحرير الاقتصادي أهمية قصوى كداعم للانتصارات السياسية والعسكرية، من خلال تمويل برنامج الاستيراد وتوفير السلع والأدوية في السوق، وضبط الأسعار، وحماية المواطنين من العبث الاقتصادي، وضمان دفع مرتبات الموظفين واستقرار العملة المحلية.
وتؤكد الإجراءات الميدانية والاجتماعات التي يجريها الرئيس عيدروس الزبيدي مع الوزراء والمحافظين على تحسين معيشة المواطنين، وتقديم الخدمات، وضمان دفع المرتبات، وكل ما يتعلق بحياة الناس اليومية.
خلاصة القول: قراءة متأنية للانتصارات العسكرية والسياسية والشعبية، ووحدة الصف الجنوبي التي جسدتها ساحات الاعتصام، تؤكد أن إعلان استعادة الدولة الجنوبية بات وشيكًا، ولا يتبقى سوى الإجراءات السياسية والتنسيق الدولي لضمان الاعتراف الدولي، وهو مسألة وقت.