بمناسبة اليوم العالمي للقطن – 7 أكتوبر
يحلّ علينا اليوم العالمي للقطن في السابع من أكتوبر من كل عام، ليذكّرنا بمحصولٍ لم يكن يومًا مجرد نباتٍ يُزرع أو يُحصد، بل كان جزءًا من حياةٍ نابضةٍ بالعمل والفرح والتعاون، وركيزةً أساسية لاقتصاد بلادنا في زمنٍ كانت فيه الزراعة عنوان الكرامة والعطاء.
كان القطن في ذلك الزمن الجميل نسيج حياتنا اليومية؛ يلامس أجسادنا في الملابس، ويغمر بيوتنا في الفراش والمناشف، ويملأ قلوبنا بالطمأنينة حين يأتي موسم جني المحصول. لقد كان مصدر عيشٍ كريمٍ لأصحاب الحيازات الصغيرة، وللعمال الزراعيين رجالًا ونساءً، يسهم في دعم اقتصاد البلاد وازدهار الريف.
اشتهرت دلتا أبين بزراعة القطن طويل التيلة، ودلتا تبن بزراعة القطن متوسط التيلة، وكان المحصول يجسد أبهى صور العمل الجماعي والمبادرات الشعبية. ما من بيتٍ إلا وله حكاية مع القطن… حكاية تعبٍ تنتهي بفرحٍ، وعرقٍ يتحول إلى لقمةٍ طيبة وابتسامةٍ صافية.
حين كان موسم القطن يبدأ، كانت الحركة تدبّ في كل مكان: من المزارع إلى المحالج، ومن الحقول إلى المصانع. ومع نهاية الموسم، كانت الأفراح تعمّ القرى، فبفضل عائدات القطن كانت تُجهّز الأعراس، وتُشترى الملابس الجديدة، وتُفرش البيوت بأثاثٍ جميل.
القطن لم يكن مجرد محصولٍ اقتصادي، بل كان ثقافةً وأسلوب حياة، وتعبيرًا عن روح التكاتف والعمل الجماعي التي ميّزت مجتمعاتنا الزراعية. ومن أجله تأسست مؤسسات وطنية مهمة كمحلج القطن، ومصنع الغزل والنسيج، ومصنع الزيوت، ومراكز البحث والإرشاد الزراعي، التي جميعها قامت لخدمة هذا المحصول الاستراتيجي.
واليوم، ونحن نحتفي بيوم القطن العالمي، يحقّ لنا أن نتساءل:
أين موقع بلادنا من هذا المحصول الذي كان يومًا عنوان ازدهارها؟
ولماذا تراجعت زراعة القطن رغم ما لها من أهميةٍ اقتصاديةٍ واجتماعية؟
وأين دور الجهات المعنية في إعادة إحياء هذا الإرث الزراعي العظيم؟
إن القطن ليس مجرد ذكرى في أرشيف الزمن، بل هو فرصة متجددة لإعادة النهوض بالقطاع الزراعي، وخلق فرص عمل، وتنشيط الاقتصاد الريفي.
فلنعمل جميعًا من أجل أن يعود القطن إلى حقولنا، ليعود معه بياض الأمل وخصوبة الحياة في دلتا أبين وكل أرجاء الوطن.
عبدالقادر السميطي
دلتا أبين
