مذكرات تاريخية توثيقية يكتبها عبدالقادر حسين صالح الناخبي-الجزء الثاني
مدرسة جعار الحكومية
انتهت الجمعية الادبية التاسعة صباحاَ من يوم الخميس، دق الجرس هذه المرة ، المراسل عبدالله بن عبدالله بدلاَ من ناصر القسمه معلناَ فسحة القراع ومدتها ساعة ، انصرفنا الطلاب جميعا متجهين الى البيوت ، وانا اتجهت إلى البيت بحافة الصبيحة بجعار وأول ما وصلت البيت ارسلوني لشراء فاصولية حبوب قلابة من عند صالح حسين بنصف شلن واخذت معي مطيبة فارغ وعاء للفاصولية ( ماعون ) ، كان بن حليس والطويل مباشرين والصبيحي وعبدالله حسين على الرصة طباخين وبائعين من النافذة السفري .
احضرت الفاصوليا وتناولنا القراع على عجلٍ وانطلقت عائدا إلى المدرسة .
كانت المدرسة الحكومية بجعار تتكون من بنايتين لبن وياجور ، من الشمال إلى الجنوب كالآتي ، الجزء الشمالي : فصلين دراسيين اول ابتدائي ، ثم مكتب مدرسين يليه صف ثاني ثم مكتب المدير الجابري يليه فصل دراسى ثم فراغ اربعة امتار ممر إلى الحديقة ( التي بني عليها الآن مسجد الحمزة وكانت سينماء من قبل أن تكون مسجدا والمنازل شمال المسجد ايضا من ضمن الحديقة ) ثم يأتي المستودع والمختبر جهة الغرب ويلتصق به شرقا فصل دراسي ، وتوجد برندة أمام جميع الفصول من الجهه الشرقية ومسرح يشرف على الميدان ،
البنايه الثانيه جنوب الاولى ويفصلهما ممر حوالي سته امتار ترابي وبها اربعه فصول هى ثالث ورابع ابتدائي وتقع في نهايتها جنوبا درج طلوع السطح وحمام ومكتب مدرسين .
قرع الجرس العاشرة صباحا وبدأت الحصة الثالثة وهى عبادات وحديث دخل الأستاذ بحول حضرمي وعمره قرابة الستين عام وعليه نظارة وكوفية وشميز وبنطلون فوق الفوطه وغير مرتب وحذاءه شنبل وبيده خيزران ، وكان شديد الضرب ويريد حفظ القرآن والأحاديث النبوية ومجتهد بعمله متمكن بإلقاءه الدرس شرح وكتابة بالسبورة كانت حصته ضغط عصيبة ينضرب منه معظم الطلاب ، مدة كل حصة خمسة وثلاثين دقيقه .
قرع الجرس للحصة الرابعة ودخل الأستاذ مهدي العولقي شاب انيق ومليان ولاعب كرة وهو مدرس الحساب ويسكن بجوار بيت عوض الهرم في بيوت اللجنة ، كانت حصته رائعة تعلمنا فيها حساب البيع والشراء ومرة الحصة سريعا علينا وكنت احب مادة الحساب جداَ .
قرع الجرس للفسحة فاندفعنا خارج الفصول نلعب ونشرب الماء من القصبة مباشرة ، وكانت موجودة بالركن الجنوبي الشرقي للحديقه ومنها تسقي الحديقة .
في وقت الفسحة نلعب كرة بالميدان شرق المدرسة وبالحديقة غرب المدرسة بالظل تحت اشجار المريمر الكبيرة وبها ملعب كرة طائرة حشيش ، وأحيانا كنا نذهب نتسكع بجوار مدرسة البنات الابتدائية وهي جنوب مدرستنا شمال ملعب المدرسة المتوسطة للبنين وبها سته فصول وساحه ويوجد بداخلها بيت أم الهتاري بالخلف وتبيعنا آيس كريم من النافذة الشرقية لبيتها ، أما متوسطة البنات كانت غرب ملعب المتوسطة للبنين ويفصلها عنه خط زنجبار جعار وهى حديثة عهد .
قرع الجرس للحصة الخامسة وكان الأستاذ سالم عوض وعبدالله سالم يقفون على البرندة لجلد المتأخر عن حصته .
دخل الأستاذ حيدره ابو بكر مدرس مادة التاريخ وكان محبوب لدينا لأنه كان حريف داخل الميدان يلعب الكرة بمهارة عالية ، أفضل لاعب بخنفر أيامها وقد شرح لنا كيف اكتشف الإنسان الأول النار عن طريق الاحتكاك وأخذ يحك مسطرة بالميز حتى طلع الدخان ، وكان هادئ بصوته ومبتسما بوجهه .
قرع الجرس للحصة السادسة والاخيرة دخل الاستاذ زيد سليمان شاب كله حيويه وبياض وهو مدرس جغرافيا وكان أيضا لاعب كرة بخنفر بعدما ترك نادي المعارف ، وكان الدرس بعنوان ، منطقة آل منصور بلبعوس ، ومراجعة درس العوابل الشعيب .
قرع الجرس ظهرا معلنا انتهى اليوم الدراسي .
انتشر طلاب مدرستنا ومعهم طالبات مدارس البنات الابتدائيه والمتوسطة ، والمتوسطة بنين بالشوارع المجاورة شمال مدرستنا ، واخذة تتلاشى الجموع كلما توغلت بمدينة جعار منصرفة الى منازلها .
شد ابنا الرميله والقرى المجاورة لها حميرهم ، ومر وا بسوق الصيد بجوار ورشة الصلاحي فرادا وجماعة سالكين طريق اخرى غرب المدينه ، والتى تمر بجوار سينما العاقل والملعب ثم البارهوص .
وكان المهندس على جميل ( شنب طويل ) يستقبل مجموعة ركاب الحمير كل صباح عندما تمر بجوار البارهوص ويقول : شدوا حيلكم يا بني عبس ويأذي الحمير حتى تجري وتسقط ركابها .
يتبع ...

