لدي صديق عراقي كردي من الحزب الشيوعي العراقي تعرفت عليه أثناء فترة تدريسي في ثانوية زنجبار عام 1989 ، ورغم أنه كان شيوعيا عقائديا ملحدا إلا أنه كان في غاية الالتزام ، فلا يشرب الخمر ولا يقيم علاقات غير شرعية أو شاذة ولا يكذب وبنحدث عن الدين باحترام ولا يسخر من تديني و لا يجاهر بأفكاره الإلحادية ، وفي رمضان كان يتظاهر داخل المدرسة بأنه صائم حتى إنه إذا أراد التدخين يخرج من المدرسة ثم يعود وهو يحمل السواك ليمحي من فمه رائحة الدخان .
كانت علاقة الصداقة بيننا قوية وتسمح لي بالاطلاع على تلك التفاصيل في حياته ، وكنت إداعبه أحيانا وأقول له : يا أخي شيبتني .. كيف ملحد وأنت لا تسكر ولا تعربد وما معك في نهار رمضان إلا التدخين في السر ؟
فيقول لي : ما عندي رغبة للسكار والعربدة وإطلاق العنان لإشباع شهواتي والاستمتاع بالملذات
فأضحك وأقول له : طيب ملحد ليه ؟ وعلى أيه ؟ خليك معانا وخلاص .
وقبل يومين فوجئت به يرسل لي رسالة عبر الماسنجر ، معيدا التواصل بيننا ، وعلمت منه أنه في الدنمارك ومستقر هناك ،هو وزوجته التي توفت منذ سنوات ، ويعيش وحيدا في شقته ، وإنه مايزال على شوعيته وإلحاده ...
قلت له : ثاني برضه ؟
فضحك وقال : آه .. ثاني !! بس هالمرة ماني حالي غريب وحدي انتم حالتكم مثل حالي ..
قلت له : كيف يعني ؟
قال : زين زين أوضح لك .. عمي أنتم لا عندكم عملة فيها عافية ، ولا عندكم رواتب . ولا عندكم كهرباء ولا ماء ولا خدمات مثل البشر ولا صحة وتطبيب تقدرون عليه ، وكله ماكو ماكو ماكو والرئاسة والحكومة وحواشيها عايشين في أحسن حال وأريق بال ويستلمون رواتبهم بالعملة الصعبة والأجنبية ويسافرون بحاشياتهم من بلد الى بلد .. صحيح ،ث مو صحيح ؟
قلت : بلى .. وعاد في أشياء تخلي شعر الرأس يتركز
قال : زين .. أليش ما تثورون ؟ وشنو مسكتكم على هاي البلاوي ؟ وعلى شنو راضين بشنباتهم ؟ بس أني ما أكول لك خليك معنا مثلما انته كنت تكول لي !!!!!
قلت.له : خلاص ... خلاص واحدة بواحدة !!!!
وإلا قول لك : حتى لو قلت لي خليك معنا ، من فين با نجيب المصاريف لمقاضي الإلحاد ؟ ... ماقدرنا على توفير مصاريف الإيمان اللي ما تكلف ، فكيف عاد با نقدر على مصاريف الإلحاد اللي يبا له ويبا له ويبا له إنما اعتقد أن اللي تشتينا نثور عليهم هم المؤهلون للإلحاد والسكار والعربدة والخ الخ الخ ، وقدها ذنوب ذنوب هنا وإلا هنا .