بقلم/عبدالقادر السميطي
يمضي المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم بخطى واثقة نحو الأمام، مستندًا إلى حاضنة شعبية واسعة وإرادة جنوبية صلبة وصلت إلى عمق الوجدان، حتى النخاع. فالمشهد لم يعد مجرد شعارات أو أمنيات، بل أصبح واقعًا سياسيًا وإداريًا يتشكل على الأرض، تُترجم ملامحه في مؤسسات، ومواقف، وخيارات استراتيجية واضحة.
تشير المعطيات الراهنة إلى أن ما يقارب 70% من مسار فك الارتباط قد أُنجز فعليًا، وهو رقم يعكس حجم العمل المتراكم، والجهود المبذولة، والدعم الشعبي المتنامي لهذا المشروع الوطني. ولم يتبقَّ اليوم سوى استكمال بعض الملفات السيادية والمفصلية، وفي مقدمتها تغيير الأوراق الرسمية، والعملة، والبطاقة الشخصية، وجواز السفر، بوصفها رموزًا سيادية لا تقل أهمية عن أي خطوة سياسية أو عسكرية.
إن هذه الخطوات ليست شكلية، بل تمثل إعلانًا عمليًا عن مرحلة جديدة، عنوانها الانتقال من إدارة الواقع إلى تكريس هوية الدولة وبناء مؤسساتها المستقلة. ومن هنا، يبرز واجب وطني يتمثل في دعوة قيادتنا الحكيمة إلى اتخاذ قرار شجاع بالبدء الفعلي في تغيير هذه الأدوات السيادية، وفق رؤية مدروسة وتدرج مسؤول يراعي مصلحة المواطن واستقرار الأوضاع.
لقد أثبت شعب الجنوب، في كل المراحل، أنه حاضر في الميدان، وصابر على التحديات، ومؤمن بحقه المشروع في استعادة دولته. وهو اليوم أكثر وعيًا وإدراكًا بأن لكل مرحلة متطلباتها، ولكل حادث حديث، ما دام المسار واضحًا، والقرار نابعًا من الإرادة الشعبية.
إن لحظة التطبيق هي الفيصل بين الانتظار والفعل، وبين الأمل المتجدد والإنجاز الملموس. وعلى بركة الله، فإن البدء بالتنفيذ سيُدخل الجنوب مرحلة جديدة من الثقة، ويبعث برسالة قوية للداخل والخارج بأن مشروع استعادة الدولة لم يعد مؤجلًا، بل يسير بثبات نحو التحقق.
فالانتقالي يتقدم… وشعب الجنوب معه، واليوم هو وقت القرار.
