آخر تحديث :الإثنين-06 أكتوبر 2025-12:23ص
أخبار وتقارير


همس اليراع ..رجالٌ آثروا الوطن على أنفسهم وأرواحهم اللواء الدكتور قاسم حسين المفلحي

همس اليراع ..رجالٌ آثروا الوطن على أنفسهم وأرواحهم
اللواء الدكتور قاسم حسين المفلحي
الأحد - 05 أكتوبر 2025 - 08:53 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

كتب /د. عيدروس نصر

الدكتور اللواء قاسم حسين المفلحي أحد كوادر الجيش الجنوبي الميامين الذين تركوا بصماتهم واضحة طوال المسيرة التاريخية للعسكرية الجنوبية.

منذ نحو سنتين تعرض الدكتور قاسم حسين لجلطة دماغية تركت اثرها البالغ على قدراته الحركية والذهنية، تنقل بين العديد من المستشفيات الخصوصية في أندونيسيا حيث كان يقيم مع عائلته، منذ نحو خمس سنوات، ثم في المملكة العربية السعودية حيث يتلقى العلاج على حسابه الخاص، خسر الدكتور وهو الذي أفنى عقوداً من عمره في خدمة الوطن، خسر مبالغَ مالية طائلة اقتصها من مداخليه الخاصة المتواضعة على حساب مصاريف أسرته وأولاده.

الدكتور قاسم حسين واحد من القادة العسكريين الجنوبيين الأبطال الذين تزخر صفحات تاريخهم بالمآثر الوطنية والعطاءات المتفانية سواءٌ في مواجهة أعداء الوطن أو في العمل العسكري الميداني والسياسي،

وبعد حرب الغزو والعدوان في العام ١٩٩٤م نال الرجل ما ناله كل قيادات وكوادر الجنوب العسكريين والمدنيين من العقاب الجماعي والاستبعاد والإقصاء والحرمان من أقصى الحقوق القانونية.

يتميز الدكتور قاسم حسين بالأخلاق الرفيعة من حيث عزة النفس والتعالي على الصغائر والانشغال بالهم الوطني والعطاء اللامحدود من أجل قضية الشعب، ومواجهة المنكرات بشجاعته المعهودة، والأنفة والكبرياء المبنية على الاعتزاز بالكرامة الإنسانية، وكانت هذه صفاته المهنية والإنسانية قبل وبعد العدوان والهزيمة في العام 1994م ولم تدفعه المتغيرات العاصفة ولا سياسات الإقصاء والاستبعاد والعقاب المُعلَن وغير المُعلَن عن تمسكة بالقيم الأخلاقية التي نشأ عليه منذ الطفولة وفي سياق العمل في المؤسسة العسكرية الجنوبية.

* * *

د. قاسم حسين من مواليد العام 1950م في قرية منفرة، المجاورة لمدينة الجربة عاصمة مديرية المفلحي اليوم، . . . درس القرآن الكريم وأتقن القراءة والكتابة في "كُتّاب" القرية على يد الفقيه ثابت يحيى، وفي عمر العاشرة غادر إلى عدن باحثا عن عملٍ كما هو شأن الكثيرين من شباب تلك المرحلة، الذين كان الوصول إلى عدن يمثل لهم حلماً لا يختلف عن حلم العيش في عوالم الأساطير والحكايات الخيالية.

في عدن كان الشاب قاسم يعمل نهاراً ويتعلم ليلاً في المدارس المسائية، وتمكن من الالتحاق بمدرسة جمعية يافع الخيرية التي كان أحد مؤسسيها والمعلمين فيها المناضل التاريخي الفقيد فضل محسن عبد الله عليه رحمة الله، وفي مطلع العام 1967، وبتشجيع من الشهيد القائد عبد القوي المفلحي، التحق في الجيش الاتحادي للعمل في مجال المحاسبة والإدارة.

خلال الفترة ١٩٦٧الى ١٩٧٢لتحق بعدد من الدورات العسكرية والإدارية لتتم ترقيته إلى رتبة ملازم مرشح ضمن دفعة العام ١٩٧١م، وقد تنقل دكتورنا اللواء قاسم حسين في العديد من المواقع والمهمات العسكرية، فبعد حصوله على رتبة الملازم انتقل للعمل في دائرة الاستخبارات العسكرية، وفي عام ١٩٧٣ عملَ نائباً لرئيس المكتب السياسي العسكري للقوات المسلحة بوزارة الدفاع في إطار التعامل مع التعاقدات والاستغناءات في خدمة منتسبي القوات المسلحة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

في العام ١٩٧٤م رُشِّح الملازم قاسم للدراسة الأكاديمية في الاتحاد السوفيتي لمدة أربع سنوات حصل فيها على شهادة الماجستير في العلوم السياسية- في القطاع العسكري عام ١٩٧٨م، والتي على إثرها انتقل ليغدو مديراً لمكتب رئيس هيئة الاركان العامة خلال الفترة ١٩٧٨-١٩٨٠م

ومع العام ١٩٨١م عيّن رئيساً للقسم السياسي لهيئة الأركان العامة بوزارة الدفاع كنائبٍ رئيس الاركان العامة للشؤون السياسية للفتره من ١٩٨١-٩٨٧

في العام ١٩٩٠م نال الدكتور قاسم شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعسكرية، لينتقل بعدها في العام 1991م للعمل كمستشارٍ لوزير الدفاع لشؤون الكادر حتى الحرب الغاشمه على الجنوب في صيف عام ١٩٩٤م التي حولت الجنوب بأهله وقادته وكوادره وتاريخه وثرواته وتراثه وهويته، إلى أعداء لعتاة تلك الحرب الإجرامية.

الدكتور قاسم حسين المفلحي حاصل على وسام لاخلاص وكذلك ميدالية التفوق العلمي.

* * *

وبرغم هزيمة غزاة ١٩٩٤م في العام 2015م واندحارهم من الجنوب وتشتتهم بين موالين للمشروع الحوثـ-إيراني وللشرعية النازحة، وبرغم شراكة الجنوب في تركيبة الشرعية الحاكمة اليوم في عدن ومحافظات الجنوب، فإنه من الواضح أن ضحايا عدوان 1994م ما يزالون ضحايا الشرعية الراهنة، سواء بقايا شرعية ١٩٩٤م او شرعية ٢٠١٢م أو شرعية ٢٠٢٢م المستمرة حتى اليوم فالكثير من هؤلاء الضحايا ما يزالون يعاملون معاملة الأعداء، وفي أحسن الأحوال يتعرضون للإهمال والتجاهل وتركهم وكأنهم ما يزالون يعيشون ما عاشوه صبيحة السابع من يوليو 1994م.

* * *

منذ تعرضه للجلطة الدماغية، بل منذ العام 1994م لم يتلقَّ الدكتور اللواء قاسم حسين المفلحي المدير السابق لمكتب رئيس هيئة الأركان العامة، ثم نائب رئيس هيئة الأركان للشؤون السياسية، لم يتلق رسالة مؤازرة أو تضامن أو حتى سؤال عن وضعه الصحي، من أحد من القادة الجنوبيين الذين أصبحوا اليوم قادة متحكمين بجاب أساطين 1994م، أما جماعة 1994م، فلا يمكن الرهان على استيقاض الضمير الإنساني في كياناتهم الداخلية، بعد أن منحوه التقاعد المؤبد منذ وقتٍ مبكِّرٍ جداً

وكما قلنا أنفق الدكتور العزيز ما كان يملك في محاولة العلاج من آثار تلك الإصابة، وساعده بعض أهل الخير في تقديم قسطٍ من تكاليف علاجه، واليوم يتلقى العلاج الفيزوثيرابي في مستشفى بمدينة جدة تابع لرجل الأعمال السعودي عبد اللطيف جميل، هذا الرجل الشهم، لم يسأل عن قبيلة الدكتور قاسم ولا عن انتمائه السياسي ولا عن موقفه العسكري أو خصومه واصدقائه بل تقبل أن يساهم في معالجته كعمل إنساني خيري نبيل بعيداً عن أية أغراض ربحية أو دعائية، لكن كما يعرف الجميع فإن هذا النوع من العلاج وحده لا يكفي للتغلب على الآثار البالغ لما تعرض له أخونا العزييز الدكتور المفلحي.

ألف سلامة للواء الدكتور قاسم حسين المفلحي، وأدعو الله له بالشفاء العاجل واستعادة حيويته وحضوره ومقامه النبيل الذي عُرف به بين رفاقه من أبناء القوات المسلحة الجنوبية على مدى قرابة العقود الثلاثة.