يواجه مئات الآلاف من أبناء مدينة غزة خيارا مؤلما، فإما تحدي أوامر الإخلاء الإسرائيلية والبقاء في غزة وانتظار القصف أو الموت، أو الفرار إلى جنوبي القطاع، وتذوق مرارة النزوح والتهجير مجددا.
وبين هذا وذاك يتقلب العقل والقلب والنظرات الشاحبة لسكان غزة لاختيار الأقل المرارة، فالحالة المأساوية التي وصل إليها أهالي غزة، تجبرهم إما على تقبل الموت بالبقاء أو المحاولة مجددا للبحث عن أمل بالنجاة حتى لو كان مؤقتا.
ويتوجه أغلبية النازحين إلى منطقة مواصي خان يونس جنوبي القطاع، وهذه المنطقة يقول الجيش الإسرائيلي إنها "منطقة إنسانية"، رغم افتقارها إلى أدنى المقومات المعيشية، إلى جانب تعرضها للقصف والاستهداف مرارا.
وأقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، خلال الشهر الماضي، خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لفرض السيطرة على مدينة غزة، ضمن خطة أوسع للسيطرة على القطاع بالكامل، وشملت المراحل الأولى من الخطة توجيه إنذارات لأبناء المناطق المستهدفة بضرورة النزوح جنوبا، ثم فرض طوق أمني على المدينة، وتنفيذ عمليات قصف مكثفة واقتحام داخل الأحياء والمخيمات.
وأصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرا جديدا لسكان غزة بالإخلاء والتوجه نحو جنوب القطاع، وسط تواصل العملية العسكرية على المدينة بقصف مكثف أدى لإصابة وقتل فلسطينيين، ويعاني أهالي مدينة غزة من وضع إنساني صعب للغاية، وسط حالة من الإرباك والفوضى، منذ إعلان الجيش الإسرائيلي إخلاء المدينة بالكامل.
وأعرب فريق العمل الإنساني في فلسطين، والذي يضم وكالات الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة غير حكومية دولية ومحلية، عن قلقه البالغ من التصعيد الخطير الذي تشهده مدينة غزة، وأضاف الفريق الإنساني أن "نحو مليون إنسان باتوا اليوم بلا خيارات آمنة أو مجدية، لأنه لا شمال القطاع ولا جنوبه يوفران الأمان".