من منا لم يفرح للتحسن الجزئي الذي شهدته أسواق صرف وتبادل العملات؟
لا شك أن أهم الأخبار التي استمع إليها الناس في بلادنا هو ذلك التحسن النسبي المفاجئ في سعر الصرف؛ وستكون المفاجأة المبهجة إذا ما رافق هذا التحسن تحسنٌ في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
لكن أهم ما يلفت النظر هو إن هذا التحسن لم يسبقه أي دافع اقتصادي مثل اكتشاف حقل نفطي جديد؛ تحسين تحصيل الموارد من العملة الصعبة؛ تصدير منتجات محلية جديدة بمليار الدولارات، أو الحصول على هبة أو حتى وديعة جديدة ولو بعشرات المليارات من العملة الصعبة؛ وباختصار غياب أي سبب اقتصادي لهذا التحسن؛ مما يجعل الكثير من المحللين الماليين والإعلاميين يربطون بين تهديدات وزارة الخزانة الأمريكية لبعض المتحكمين في سوق الصرف في اليمن وبين هذا التحسن الطفيف.
كل شي في سوق الاقتصاد يخضع لقانون العرض والطلب.
لكن في سوق العملة بالذات وحتى في ظل قانون العرض والطلب فإنه يمكن التحكم بفاعلية هذا القانون من قبل هوامير تجارة العملة والمضاربة بالأموال.
أفراد وجماعات شبكة التحكم بسعر الصرف يتعاونون فيما بينهم لتنظيف السوق من العملة الصعبة ليرتفع سعرها وصناعة الأزمة التي يحصدون من ورائها المليارات، لكن حينما يأتي التدخل الخارجي ومن قبل من؟؟
من قبل وزارة الخزانة الأمريكية فإن هؤلاء الهوامير لن يترددون عن ضخ بعض ما اختزنوه من المليارات من العملة الصعبة فتنخفض قيمة الدولار وتتحسن قيمة الريال ولو مؤقتاً؛ وقد نكتشف يوماً أن هؤلاء الهوامير ليسوا فقط من تجار العملة وملاك محلات الصرافة؛ بل قد يكون بينهم هوامير سياسيون ممن يتحكمون في صناعة القرار السياسي؛ وما جماعة التجار سوى القناع الخارجي لتلك الهوامير (السياسية).
في هذه العملية يتداخل السياسي بالمالي بالأمني بلعبة "الجماعات الإرهابية".
التدخل الأمريكي لم يأتِ حبّاً لسواد عيون الشعب اليمني؛ لكنه يحمل رسالة لهوامير التلاعب بالعملة فحواه:
"لستم مطلقي اليدين ولكم حدود للعبث لكن هذه الحدود ليست بلاده سقف".
أخشى ما أخشاه أن يلي هذا التحسن الوقتي انتكاسة قد تتجاوز الحدود التي بلغها السعر في آخر ارتفاع له بمرات.
والله أعلم.