كتب/صالح أبو عوذل:
كثير من الأصدقاء العرب المهتمين بالشأن الجنوبي والعربي يسألون عن خلفيات التصعيد العسكري السعودي تجاه بلادنا. ولتوضيح الصورة، هذه القصة كما هي، بلا شعارات ولا مجاملات:
1) الجنوب العربي كان، مثل بقية الأقطار العربية، مستعمرة بريطانية.
2) في ستينيات القرن الماضي نال استقلاله، بالتزامن مع موجة استقلال عربية واسعة، وتحت تأثير المدّ القومي العربي.
3) في تلك المرحلة كان هناك قوميون من اليمن الشمالي (المعروف اليوم) لجؤوا إلى عدن هربا من بطش النظام الإمامي في صنعاء.
4) تشكّلت حينها رؤية سياسية ترى في توحيد الجنوب مع اليمن امتدادا تاريخيا لما كان يُعرف بـ “يمين الكعبة”.
5) اليمن الشمالي كان يُسمّى المملكة المتوكلية الهاشمية، بينما كان الجنوب يُعرف باسم الجنوب العربي.
6) بعد نجاح الانقلاب في صنعاء وتحول النظام من ملكي إلى جمهوري، سُمّيت الدولة هناك الجمهورية العربية اليمنية، فيما جرى تغيير اسم الجنوب إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
7) كلا البلدين تعرّضا لانقلابات دموية واضطرابات واسعة، خصوصا في عدن وصنعاء، وصولا إلى عام 1990.
8) الجنوب خرج لتوّه من حرب أهلية دامية عام 1986، وصنعاء من حروب المناطق الوسطى (1978–1982) التي خلّفت نحو ربع مليون قتيل ومخفي.
9) مشروع الوحدة عام 1990 لم يكن وحدة منجزة، بل مشروع وحدة يفترض أن يُستكمل تدريجيا، بما في ذلك إعادة توزيع القوات العسكرية.
10) الجنوب كانت عملته الدينار (يعادل حينها نحو 3 دولارات)، بينما كانت عملة الشمال الريال اليمني.
11) جرى الانقلاب على مشروع الوحدة بتحالف علي عبدالله صالح مع الإسلاميين والجهاديين، بقيادة أسامة بن لادن.
12) في عام 1994 تعرّض الجنوب لاجتياح عسكري شامل، شارك فيه الجيش اليمني، وقوى قبلية، وتنظيم “قاعدة الجهاد” (الأفغان العرب)، وبينهم سعوديون جندهم بن لادن.
13) في 21 مايو 1994 أعلن علي سالم البيض فك الارتباط وفضّ الشراكة، لكن الحرب حُسمت عسكريا لصالح صنعاء.
14) لاحقا كُشف عن أدوار خارجية ومرتزقة طيارين عراقيين، بذريعة دعم الجنوب السابق للمقاومة الفلسطينية.
15) في 2011 انهار نظام صالح بعد صراعات داخلية ومحاولة اغتياله في جامع النهدين، ثم سلّم السلطة.
16) في 2014 انقلب الحوثيون على خصومهم، وحاولت السعودية احتواء الوضع باتفاق “السلم والشراكة” الذي فشل، لتتحول الحرب إلى عدن.
17) خلال أربعة أشهر فقط، كانت المقاومة الجنوبية قد حررت كامل الجنوب، واتجهت لتأمين الحديدة ومأرب.
18) في 2016 فُرض علي محسن الأحمر نائبا لهادي، ما غيّر مسار الحرب من التوجه نحو صنعاء إلى إدارة المحرر.
19) في 2019 تعرّضت شبوة وأبين لاجتياح من قوات الإخوان في مأرب، بينما سلّمت ألوية موالية للأحمر عتادها للحوثيين في بيحان.
20) في 2022 بدأت السعودية مراجعة استراتيجيتها، وصولا إلى تفاهمات مع إيران تُوّجت باتفاق 2023 في الصين.
21) طُرحت مبادرة (عُمانية) تقضي بتحويل 82٪ من نفط حضرموت وشبوة للحوثيين كرواتب، فرفضها الجنوب.
22) تزامن ذلك مع دعم كيانات وقوى مسلحة جديدة في حضرموت وشبوة، في سياق بدا غامضا.
23) لاحقا خرج مثقفون سعوديون يتحدثون صراحة عن الحاجة إلى منفذ على البحر العربي، وهي مطامع قديمة.
24) اليوم يُستخدم التهديد بالحرب والقصف والفوضى مقابل سحب قوات جنوبية يشرف عليها ممثل حضرموت فرج سالمين البحسني.
25) جوهر الصراع يتمحور حول حضرموت والمهرة وشبوة، فيما يُستخدم رشاد العليمي كواجهة سياسية أخيرة.
26) الهدف النهائي: منفذ على البحر العربي، مع إبقاء ساحل حضرموت هشا أمنيا بذريعة منع وصول الحوثيين.
والسؤال الأخطر الذي لا يزال بلا إجابة واضحة: من يوظّف التنظيمات الإرهابية، ولماذا؟