بقلم / عبدالرقيب يسلم أحمد الكلدي
لم تعد محاولات الالتفاف على قضية أبناء الجنوب في التحرر والاستقلال تمر دون مساءلة، ولم يعد ممكنًا بعد اليوم تسويق التسويات الجزئية بوصفها حلولًا واقعية. فقد أثبتت التجربة أن تجاوز هذه الضرورة التاريخية، تحت أي شعار أو غطاء سياسي، لا يصنع سلامًا ولا يؤسس لاستقرار حقيقي، بل يكرّس أزمات مؤجلة وانفجارات مستقبلية.
لقد حسم شعب الجنوب خياره منذ وقت مبكر؛ فلا تفريط في الأرض، ولا تراجع عن التضحيات، ولا قبول بسياسات الأمر الواقع. وما تطرحه اليوم بعض المقاربات الرمادية لا يرقى إلى مستوى استحقاقات المرحلة، ولا ينسجم مع حجم التضحيات التي قُدمت دفاعًا عن الكرامة والهوية الجنوبية.
إن الحفاظ على الجاهزية وحماية المنجزات ليس تصعيدًا، بل موقف سياسي واضح ورسالة تؤكد أن حق أبناء الجنوب في التحرر والاستقلال لا يُدار بمنطق الإملاءات، وأن أي مسار يتجاهل إرادة الشعب محكوم عليه بالفشل، مهما حظي بالدعم أو الترويج.
فالحق الذي حُمي بالتضحيات لن يُفرَّط به على طاولات المساومة، ومن يراهن على إنهاك الإرادة أو كسر الموقف إنما يكرر أخطاء أثبتت الوقائع سقوطها. فإرادة الشعوب، بلا شك، أقوى من أي تسويات قائمة على وهم الواقع، وستظل القوة الحقيقية التي تصنع الانتصارات وتفرض العدالة.