إن استدعاء التحالف العربي لمواجهة شريك ميداني رئيسي كان في مقدمة الصفوف التي تصدت للحوثيين، لا يمثل فقط قراءة مغلوطة لموازين الصراع، بل ينطوي على ابتزاز سياسي خطير، ومحاولة لتوريط التحالف في معركة تتناقض جذريًا مع الأسس التي قام عليها تدخله، من خلال إطلاق عملية «عاصفة الحزم».
كانت أهداف التدخل واضحة منذ اللحظة الأولى: منع تمدد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران نحو الجنوب، تأمين الإقليم والممرات البحرية، وحماية الأمن القومي العربي من الاختراق الإيراني المتصاعد. ولم يكن من بين هذه الأهداف فرض نموذج سياسي محدد، أو مصادرة حق شعب الجنوب في التعبير عن إرادته السياسية وتحديد مستقبله، وحماية أراضيه من عبث وفوضى الجماعات الإرهابية العابرة للحدود، وفي مقدمتها القاعدة، وداعش، والحوثيون، وحزب الإصلاح الذي يمثل الواجهة المحلية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
الأخطر من ذلك، أن هذا الخطاب يعيد إلى الذاكرة مشاهد قاتمة من تاريخ الصراع، حين جرى استخدام أدوات التحريض والتعبئة الأيديولوجية لتبرير الحروب ضد الجنوب كما جرى في صيف 1994م و2015م. واليوم، لا تعود تلك الأدوات بصيغتها القديمة فحسب، بل تتخذ شكلًا أكثر تعقيدًا عبر محاولة توظيف التحالف العربي ذاته كأداة ضغط أو صدام داخلي، في سابقة تهدد مصداقية الشراكات القائمة، وتؤدي إلى تفتت وانهيار جبهة مواجهة الحوثيين.
أنيس الشرفي
رئيس الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي