عدن / لقاء / هاشم بحر وقيصر ياسبن:
كشف المهندس/ سامي خالد ناصر، خبير نفطي سابق، في لقاء خاص، عن معلومات شيقة ومثيرة تتعلق بالقطاع النفطي في الجنوب الغربي عامة، وعدن خاصة، والذي يُعد من أهم القطاعات الحيوية في أي بلد. كما تطرق إلى الشركات النفطية التي كانت عاملة منذ عام 90م، وكيف توقفت، والأسباب الكامنة وراء ذلك، وكيف تم تدمير القطاع النفطي. وتوضيحًا للقارئ والشارع معًا بهذه الحقائق، نوردها في سطور اللقاء التالي:
نبذة تعريفية
المهندس/ سامي خالد ناصر حاصل على ماجستير في الاكتشافات النفطية.
عمل في مجال النفط من عام 73م حتى عام 97م.
عضو لجنة تشغيل شركة (أو. إم. في) النمساوية / قطاع العقلة – شبوة.
بداية استنزاف ثروات النفط
قال المهندس/ سامي خالد ناصر في بداية اللقاء:
"أُنشئت هيئة استكشاف النفط في صنعاء على غرار هيئة عدن، والتي تُعد هي الأصل، وبعدها استكثر المركز وتم تجميد الهيئة في عدن، والتي كانت تمتلك خيرة الكوادر المجربة في مجال النفط، إضافة إلى بنك معلومات ثري لكل القطاعات في الجنوب العربي. وهنا أود الإشارة إلى أن الخبراء الروس أجروا مسوحات لفريق وطني شملت كل شبر في الجنوب العربي، وكانت نتائجها صحيحة. وقد وصل الإنتاج بعد الوحدة عام 90م إلى 480 ألف برميل نفط يوميًا، إلا أن سياسات الدولة آنذاك تعاملت مع ثروات النفط بمنهج الاستنزاف، مثل الضرائب، حيث يتم استنزاف هذه الموارد دون توظيفها في أي مجال استراتيجي يعود بالنفع على البلد. كما لم تكن هناك سياسات اقتصادية صريحة وناجحة. وبعد عام 94م تعامل النظام مع قطاع النفط بلغة المنتصر، وتم تقاسم كل الخدمات في قطاع النفط بين شركاء الغنيمة".
نظام صالح وراء تدمير القطاع النفطي
وأضاف:
"رغم تحذيرات البنك الدولي من تناقص الإنتاج، لم يأخذ نظام صالح تلك التحذيرات بمحمل الجد، بل تم توظيفها آنذاك في المناكفات السياسية بين شركاء النظام نفسه. وكان ينبغي على الدولة الاهتمام بجانب الاستكشاف، وعقد مؤتمرات للتعريف بالقطاعات الواعدة. وتُعد الإجراءات العقيمة، التي كانت تستغرق ما يقارب عامين مرورًا بمجلس النواب وغيره، من أبرز الأسباب التي عطلت أعمال الاستكشاف في اليمن، وكانت طاردة للاستثمار في هذا القطاع الاستراتيجي والحيوي".
أحداث 2011 وعلاقتها بالقطاع النفطي
وأشار المهندس سامي إلى أن أحداث 2011م أصابت القطاع النفطي بشلل تام، حيث غادرت الشركات الاستكشافية القطاعات النفطية، بينما قامت الشركات الإنتاجية، ومع انخفاض الإنتاج، بتقليص برامج الإنتاج والتطوير والحفر والمسوحات، نتيجة حالة الغليان التي عاشها البلد آنذاك.
وعلى سبيل المثال، غادرت شركة توتال بعد تسليم قطاع 10 المنتج في حضرموت، وكانت الشركات العاملة حينها: كنديان، وأوكسي، وتوتال، و(أو. إم. في)، وغيرها، وجميعها غادرت الجنوب العربي بسبب الأوضاع القائمة. كما غادرت الشركات المساندة لخدمات النفط، مثل: شلمبرجير، ونابورس، ونيدر فورد، وغيرها، وكان لخروجها أثر بالغ على القطاع النفطي.
وأضاف:
"هناك قاعدة اقتصادية في مجال النفط تقول إن اليوم الذي لا يُنتج فيه يُعد خسارة غير مستردة، وبالتالي فقد خسرنا عشرات المليارات نتيجة التوقف. وعلى سبيل المثال، عادت شركة بترومسيلة للإنتاج بعد الحرب، ولكن دون تحقيق نجاح ملموس. وزاد الطين بلة ما يحدث حاليًا في حضرموت من تجمعات قبلية، تحمل في ظاهرها عناوين متعددة، لكن نتائجها عكسية، حيث تُحجم الشركات عن العودة للاستثمار في هذا القطاع. ومن يقود هذه الفوضى لا يخدم حضرموت. وكان بالإمكان إثارة هذه المطالب حين استنزف نظام عفاش حقولها النفطية دون أن يعود بأي نفع على حضرموت، حتى على مستوى الخدمات التي فُتحت لشركات شمالية دون الجنوبية. واليوم يحاول البعض توجيه معارك بين حضرموت والجنوب العربي لا أساس لها من الصحة".
وتابع:
"أسهم نظام عفاش في تدمير كل مقدرات الجنوب العربي الاقتصادية من عدن إلى المهرة، ولذلك يجب أن نكون أكثر وضوحًا؛ فكل الساسة في الشمال يوظفون منابرهم الإعلامية للوقيعة بين أبناء الجنوب العربي. وما زالت معركتنا كبيرة في استعادة دولة الجنوب العربي، وعودة الحياة لكل القطاعات الاقتصادية التي دُمرت سابقًا".
مناشدة ورسالة هامة
واختتم المهندس/ سامي خالد ناصر بالقول:
"على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يأخذ بعين الاعتبار، كونه قائدًا لعملية استعادة الدولة، الاهتمام بالمجالات النفطية، وضرورة الاستفادة من الكوادر والخبرات النفطية. ونناشد الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي إيلاء هذا الجانب الاهتمام الأكبر، ووضع الخطط الكفيلة بعودة أهم قطاع اقتصادي نفطي في البلد. ونحن، ومن خلال عملنا حتى آخر المراحل، وفرنا للبلد أكثر من 200 مليون دولار عبر إيقاف العبث في عشرات المناقصات النفطية، ولم نحصل على أي تكريم أو اهتمام من قبل الدولة، وانتهى بنا المطاف إلى المطالبة بمستحقاتنا لدى شركة (أو. إم. في) النمساوية عن أكثر من 15 عامًا من الخدمة، وحتى اللحظة لم تستجب الشركة لمطالبنا الحقوقية".