آخر تحديث :الخميس-11 ديسمبر 2025-02:40ص
أخبار وتقارير


محصول البن ثروة وطنية تحتاج إلى تنظيم جديد ومبادرات أكثر جرأة

محصول البن ثروة وطنية تحتاج إلى تنظيم جديد ومبادرات أكثر جرأة
الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - 09:19 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

يظل محصول البن واحدًا من أهم المحاصيل الاقتصادية التي صنعت لبلادنا حضورًا عالميًا مميزًا لعدة قرون. فهو ليس مجرد منتج زراعي، بل هو هوية وطنية ورافعة اقتصادية واجتماعية يعتمد عليها آلاف المزارعين في المناطق الجبلية والمناطق التي تجود فيها زراعة البن.

وقد أثبتت التجارب أن تطوير هذا القطاع يمكن أن يفتح أبوابًا واسعة للرزق، وتحسين سبل المعيشة، وخلق فرص عمل جديدة داخل المجتمعات الريفية التي تعتمد على البن كمصدر دخل رئيسي.


ورغم هذه الأهمية العميقة، ما يزال قطاع البن يواجه تحديات كبيرة تتراوح بين ضعف التنظيم، وغياب البيانات الدقيقة، وتشتت الجهود الحكومية والداعمة، ما انعكس على الإنتاج والجودة والقدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية.


بطاقة المزارع خطوة تنظيمية ضرورية لإنقاذ ثروة وطنية


وفي إطار الجهود الرامية إلى تنظيم وتطوير زراعة البن والحفاظ على هذه الثروة الوطنية، يبرز مقترح اعتماد بطاقة تعريفية أو سجل رسمي للمزارع الفعلي لشجرة البن كخطوة محورية تمثل أساسًا لأي تدخل مستقبلي سواء من قبل الجهات الحكومية أو الشركاء الدوليين.

هذه البطاقة ستكون أداة موثوقة لربط المزارعين ببرامج الدعم والتمويل والتأمين المائي وتقنيات الري الحديثة، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه من المزارعين الفعليين بعيدًا عن المجاملات أو التسجيل العشوائي. مثل هذا الإجراء سيعزز الشفافية ويقوي عملية الاستهداف ويخفض الهدر ويحدّ من الازدواجية في تلقي الدعم.


البيانات المقترحة للبطاقة:


اسم المزارع


المنطقة أو الوادي


عدد أشجار البن


نوع البن المزروع


مصدر المياه المستخدم في الري


سنة الزراعة


رقم وطني أو إثبات هوية


أي بيانات إضافية يوصي بها المختصون



كما يتوجب تحديث هذا السجل بشكل دوري لاستيعاب المزارعين الجدد، وضمان بقاء المعلومات دقيقة وحديثة لخدمة متخذي القرار.


الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لمحصول البن


يمثل محصول البن شريانًا اقتصاديًا لمئات آلاف الأسر، إذ يوفر مصدر دخل ثابت ومضمون نسبيًا مقارنة بمحاصيل أخرى أكثر تأثرًا بالتقلبات المناخية. كما يساهم في:


تعزيز الأمن الاقتصادي للمزارعين عبر توفير دخل موسمي ثابت.


خلق فرص عمل في المزارع، ومعامل التجفيف، والفرز، والتسويق.


رفع العائد الوطني من العملات الأجنبية عبر التصدير.


الحفاظ على الهوية الزراعية للمناطق الجبلية وجميع مناطق زراعة البن وحماية التنوع البيئي.


تقوية الروابط الاجتماعية حيث تعتمد الكثير من الأسر على التعاون الجماعي في إدارة مزارع البن.



ومن الضروري اعتماد أفكار جديدة لتطوير زراعة البن إلى جانب البطاقة التعريفية، هناك حاجة لمبادرات أكثر جرأة يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في مستقبل زراعة البن، من أهمها:


1. إطلاق قاعدة بيانات وطنية رقمية للبن تربط مزارع البن بالجغرافيا، والمياه، والإنتاج، والقدرات لتكون مرجعًا موحدًا للجهات الحكومية والمنظمات الدولية.



2. إنشاء صندوق وطني لدعم البن، يُموّل من الحكومة والجهات المانحة، بحيث يُخصص لدعم مدخلات الزراعة، وتوفير الشتلات، وتمويل أنظمة الري الحديثة، وتغطية برامج التدريب والإرشاد.



3. اعتماد تقنيات الري الموفرة للمياه مثل الري بالتنقيط، وتحسين كفاءة حصاد مياه الأمطار في المناطق الجبلية، لزيادة الإنتاجية دون استنزاف الموارد.



4. برامج تدريب متخصصة للمزارعين بحيث تركز على:


تحسين جودة الفرز والتجفيف.


التقنيات الحديثة في مكافحة الآفات.


إدارة الحيازات.


تسويق البن حسب الأصناف والمناطق.




5. تأسيس علامة تجارية وطنية موحدة للبن، بما يعزز حضوره في الأسواق العالمية، ويرفع قيمته الاقتصادية، ويحدّ من التلاعب بالمنتج في الأسواق الخارجية.




أخيرًا وليس آخرًا

إن اعتماد بطاقة تعريفية للمزارعين إلى جانب إطلاق مبادرات تنموية منظمة، يمثل خطوة استراتيجية لطالما احتاجها قطاع البن. فالبن هو تاريخ وهوية وقيمة اقتصادية قادرة على إعادة الحياة إلى الريف اليمني إذا ما أُدير بشكل علمي ومنظم.


عبدالقادر السميطي

دلتا أبين