في زمنٍ مضى، كان الدخان المتصاعد من بيوت القرية وقت الغداء بمثابة علامة حياة.
كل بيت يشعل ناره، وتفوح رائحة الطعام منه، إلا ذاك البيت الصغير في آخر القريه لا دخان و لا رائحة ولا حركة
كان أهل القرية يعرفون أن ذلك البيت يخلو من الطعام، فيتسابقون دون موعد ولا دعوة، يحملون ما طبخوه من أرز وخبز ومرق، يضعونه أمام بابه ويقولون
الخير بيننا يقسَّم، وما نأكله نطعمه جيراننا
كبر الأطفال وهم يرون هذه المواقف، فتعلموا أن الجار أخ، وأن الشبع لا يكتمل إن كان جارك جائعًا.
لكن الزمن تغيّر… اليوم لم يعد الدخان علامة، ولا عاد الناس يسألون جارنا أكل أم لا؟
تراجعت الطيبة، وتبدلت النفوس، وضاعت تلك العادات التي كانت تحفظ المودة، وتزرع الرحمة في القلوب تبعثرت هنا وهناك أخلاقنا
ويالله نفسي نفسي وطز بالآخرين
العبرة في ذالك
الخير لا ينقص إذا تقاسمه الناس، بل يزداد بركة.
والجار ليس جدارًا بجوارك، بل هو سندك وأمانك في الحياة.
فلنُحيِ في قلوبنا تلك العادات الأصيلة، ونمد أيدينا للغير كما كان يفعل أجدادنا، لعل البركة تعود وتعود معها الطيبة التي افتقدناها.
/ عبدالقادر السميطي
دلتا أبين