آخر تحديث :الجمعة-26 سبتمبر 2025-01:25ص

حين تصبح 26 سبتمبر ذكرى على ورق والفنادق ساحات نضال

الخميس - 25 سبتمبر 2025 - الساعة 11:46 م

نايف زين
بقلم: نايف زين
- ارشيف الكاتب

كتب /نايف زين ناصر:

شعب في الشمال يئن تحت قبضة الحوثي، ثورة 26 سبتمبر مشنوقة على جدار صنعاء، والجمهورية مكممة الفم، بينما هناك من يجلسون في الفنادق الفاخرة ليهتفوا: "عاشت ثورة 26 سبتمبر المجيدة!"


الحوثي اليوم يسيطر على معظم محافظات الشمال، يكتب مناهج جديدة، يمحو كل معنى للجمهورية ويغرس "الولاية" في عقول الصغار. ومع ذلك، نجد من لا يزال يبيع الوهم بخطب رنانة واحتفالات افتراضية، بينما الثورة في حقيقتها مجرد صورة قديمة بالأبيض والأسود تُعرض على شاشة مكسورة.


سجون الحوثي مليئة بالأحرار، وشعاراته ترفرف فوق المؤسسات والناس يُساقون إلى الجبهات باسم "الولاية". فأي جمهورية تلك التي يحتفلون بها في 26 سبتمبر؟! إنها أشبه بـ"حفل تخرج" لطالب راسب.


أمّا أصحاب "النضال السياحي"، فقصتهم مضحكة مبكية. يجتمعون في فنادق الخارج، حيث القاعات المكيفة والكاميرات، يتنافسون من يلقي الخطاب الأشد حرارة، ثم يتوجهون إلى البوفيه المفتوح ليكملوا معركتهم على طبق سلطة وقطعة كيك. هؤلاء عليهم أن يفهموا أن سبتمبر لا يُستعاد بالمنشورات ولا بالصور التذكارية، بل بالسلاح في الميدان، كما فعل غيرهم.


في الوقت الذي ظل فيه كثير من الساسة في الشمال يتغنون بالبيانات والقصائد، كان أبناء الجنوب يكتبون التاريخ بالرصاص والدم. ففي عام 2015، خرجت المقاومة الجنوبية من بين الأزقة والأحياء الشعبية بلا إمكانيات تُذكر، لكنها حملت الإيمان والكرامة. قاتل الجنوبيون الحوثي والإرهاب معاً، وقدموا آلاف الشهداء حتى تحررت عدن ولحج وأبين والضالع وبقية محافظات الجنوب. لم ينتظروا قرارات دولية ولا مؤتمرات سياسية، بل صنعوا النصر بأنفسهم، ليبرهنوا أن الإرادة الصادقة أقوى من كل ترسانة سلاح.


اليوم، يقف الجنوب شامخاً وقد أعاد بناء مؤسساته الأمنية والعسكرية من تحت الركام. قواته المسلحة تحمي المدن، أمنه أكثر استقراراً من أي منطقة يسيطر عليها الحوثي، ومطاراته وموانئه تعمل بفضل تضحيات أبنائه. هذه المنجزات لم تأتِ من شعارات معلّبة ولا خطب في الفنادق، بل من خنادق القتال، ومن عرق المقاتلين الذين رفضوا أن تكون أرضهم مسرحاً للغزاة من جديد.


إن ما يحدث اليوم في الشمال أشبه بمسرحية هزلية: الحوثي يوزع "صرخته" على الجدران، وبعض السياسيين يوزعون خطاباتهم في الفنادق، وفي النهاية، الكل يتحدث عن سبتمبر وكأنه ضيف غائب لا أحد يجرؤ أن يفتش أين اختفى.


إذا كان الشماليون جادين في الاحتفال بسبتمبر، فليوحدوا صفوفهم ويطردوا الحوثي من أرضهم كما فعل الجنوبيون. أما أن يظلوا أسرى الفنادق والبيانات، فذلك ليس نضالاً، بل استراحة محارب لم يدخل المعركة أصلاً.


سبتمبركم الحقيقي لا يُحتفل به في الفنادق… سبتمبر يولد من جديد فقط في ساحات التحرير.