كتب/نايف زين ناصر:
في مديرية سرار بيافع محافظة أبين لم يكن اليوم الخميس يوما عاديًا على الإطلاق. مدارس المديرية ارتدت حُلّة جديدة من الفرح، الطلاب رفعوا أصواتهم بالأناشيد، المعلمون وزعوا ابتساماتهم، وأولياء الأمور غمرهم شعور بالامتنان.. كل ذلك جاء في مشهدٍ مختلف، مشهد أراد أن يقول إن التعليم ما زال بخير طالما وُجد رجال يضعون الوطن وأبناءه فوق مصالحهم الخاصة.
كان ذلك في مدرسة الشهيد محمد عبدالله للبنين، حيث اجتمع المعلمون والتربويون ومجلس الآباء وشخصيات اجتماعية، ليشهدوا تكريم رجل الأعمال عارف علوي محضار السيد بدرع وشهادات تقديرية، في لحظة بدت وكأنها تكريمٌ للتعليم ذاته قبل أن تكون تكريمًا لشخص.
الاستثمار في الإنسان.. أرقى أنواع العطاء
لم يأتِ هذا التكريم من فراغ؛ فعلى مدى سنوات ظلّ عارف السيد يسخّر إمكانياته لدعم التعليم في يافع، مؤمنًا أن أعظم استثمار يمكن أن يقدمه رجل أعمال هو الاستثمار في العقول والطاقات، لا في المشاريع العاجلة الزائلة. ومن خلال مبادراته ومساهماته، أصبح اسمه يرتبط مباشرة بكل نشاط تربوي أو دعم مدرسي في المنطقة.
يقول أحد المعلمين بحماس: "نحن اليوم لا نكرّم عارف السيد بقدر ما نكرم أنفسنا بوجوده بيننا.. الرجل الذي فتح قلبه ومدّ يده دون انتظار مقابل."
حضور يعكس رسالة واضحة
حفل التكريم حضره الأمين العام للمجلس المحلي بالمديرية محمد حسن صالح، ومدير مكتب التربية والتعليم فوزي المُخيري، وعدد من الشخصيات التربوية والاجتماعية، لكن الرسالة التي أراد الجميع إيصالها كانت أبلغ من أي حضور رسمي: "التعليم في يافع لن يسقط، لأن خلفه رجال بحجم عارف السيد."
لم يكن الحفل مجرد مراسم شكلية، بل تحوّل إلى منصة للحديث عن معاناة التعليم، وعن حاجة المدارس إلى الدعم، وعن غياب الدولة الذي ترك فراغًا كبيرًا سدّه أبناء يافع من جيوبهم وجهودهم.
بين السياسة والتهميش.. التعليم يكسب رهان الصمود
في بلد أنهكته الحروب والأزمات، ظل التعليم الضحية الكبرى، تُرك الطلاب بلا مقاعد كافية، والمدارس بلا صيانة، والمعلمون بلا حقوق، لكن سرار يافع أبت أن تستسلم. هنا، قرر المجتمع أن يتكافل، وأن ينهض بالتعليم مهما كانت الظروف، وأن يكرم من ساهم في هذا المسار حتى يكون قدوة لغيره.
عارف السيد لم يكن مجرد رجل أعمال ناجح، بل أصبح رمزًا لمفهوم "الرأسمال الاجتماعي"، ذاك الذي يجعل من ثروته جسرًا بين الحاضر المأزوم والمستقبل المأمول.
أكثر من درع.. شهادة على الزمن
الدرع الذي تسلمه عارف السيد اليوم ليس مجرد قطعة خشب أو معدن، بل شهادة حيّة على زمن يتذكر فيه الناس من وقف معهم. سيظل الطلاب الذين حضروا الحفل يروون لأبنائهم غدًا أن رجلًا من منطقتهم اسمه عارف السيد ساعدهم على أن يدرسوا ويكبروا ويحققوا أحلامهم.
هذا المشهد في سرار لم يكن معزولًا عن واقع الوطن بشكل عام ففي كل قرية ومدينة، يعاني التعليم ويئنّ، وينتظر مبادرات كتلك التي قادها السيد. ولعل تكريمه اليوم يفتح الباب أمام رجال أعمال آخرين ليمدوا أيديهم لقطاع التعليم الذي يُبنى عليه مستقبل الأوطان.
كلمة أخيرة
اليوم، لا يمكن اختزال الحفل في صور تذكارية أو كلمات بروتوكولية؛ فالمعنى أعمق بكثير. إنه تكريم لفكرة أن "الوطن يبدأ من المدرسة"، وأن كل من يزرع في عقول الأجيال سيحصد تاريخًا من الوفاء.
لقد خرجت يافع من هذا اليوم برسالة جديدة:
"رجالها ليسوا فقط من يحملون البندقية، بل من يحملون الكتاب، ويصنعون طريق الغد بالعلم والعطاء."
وإذا كان عارف السيد قد نال درعًا صغيرًا، فقد نال قبل ذلك مكانة كبيرة في قلوب الناس، وهذه أكبر جائزة يمكن أن ينالها إنسان.
كلمة شكر وتقدير
باسمي كصاحب الإمتياز ورئيس تحرير موقع أبين تايم ونيابة عن كل قارئ يعشق أن يرى للتعليم مكانته وللوطن أبناء أوفياء، أرفع أسمى عبارات الشكر والعرفان لرجل العطاء عارف علوي محضار السيد أبو حور شكرًا لك أيها الرجل الذي علمنا أن الكلمة الطيبة قد تُنسى، لكن الفعل الصادق يبقى خالدًا في ذاكرة الأجيال. إن تكريمك اليوم ليس إلا محطة صغيرة في درب طويل من الوفاء والعطاء، وأمنيتنا أن يحذو بقية رجال الأعمال خطاك، فيجعلوا من دعم التعليم قضيتهم الأولى، لأنه الطريق الأقصر لبناء وطن يستحق الحياة.

