في صباح اليوم الجمعة الموافق 26 سبتمبر 2025، استفاق أبناء مدينة عدن على خبر اغتيال الشيخ مهدي (النقيلي) العقربي، أحد أبرز مشايخ منطقة بئر أحمد، في جريمة وُصفت بأنها "غادرة" و"صادمة" بكل المقاييس. الحادثة وقعت أثناء توجه الشيخ إلى صلاة الجمعة أو لحظة خروجه منها، حين باغته مسلحون مجهولون وأمطروه بالرصاص قبل أن يلوذوا بالفرار. وسرعان ما نُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، غير أن محاولات الأطباء باءت بالفشل ليفارق الحياة متأثراً بجراحه.
تفاصيل الحادثة
الروايات التي سُجلت حول الواقعة تعددت، وإن اتفقت على الجوهر:
مكان التنفيذ: محيط أحد مساجد بئر أحمد. بعض المصادر أكدت أن إطلاق النار تم داخل باحة المسجد، بينما أخرى رجحت أنه عند خروج الشيخ من الصلاة.
المنفذون: الحديث يدور عن ثلاثة مسلحين يستقلون سيارة مظللة أو دراجة نارية، بادروا بإطلاق الرصاص ثم اختفوا سريعاً.
الزمن: قُبيل أو أثناء صلاة الجمعة، وهو توقيت يثير الريبة لارتباطه بمكان مقدس يفترض أن يكون آمناً.
النتيجة: إصابة الشيخ إصابات بليغة و وفاته بعد نقله للمستشفى، وانتشار أمني كثيف بالمنطقة.
من هو الشيخ مهدي العقربي؟
الشيخ مهدي العقربي ليس مجرد اسم عابر في الحياة الاجتماعية لعدن، بل يُعد من أبرز وجهاء قبيلة العقارب ومرجعية محلية في منطقة بئر أحمد. لعب أدواراً بارزة في حل النزاعات القبلية، والوساطة بين الأطراف المتخاصمة، وكان يُستدعى في قضايا معقدة تخص الأراضي والنفوذ القبلي.
كما تشير مصادر محلية إلى أن الشيخ لم يكن بعيداً عن التوترات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، خصوصاً الصراعات حول الأراضي والنفوذ. هذه الخلفية تجعل حادثة اغتياله مفتوحة على أكثر من احتمال: ثأر قبلي، تصفيات محلية، أو حتى حسابات سياسية
المشهد الأمني بعد الحادثة
عقب الجريمة، فرضت الأجهزة الأمنية طوقاً في بئر أحمد ونشرت نقاط تفتيش بحثاً عن الجناة و
التحقيقات بدأت بشكل عاجل، لكن لم تصدر نتائج رسمية حتى الآن، ولم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية وعمّت حالة من الغضب والصدمة بين الأهالي، خاصة مع خطورة أن يقع الاغتيال في محيط مسجد يوم الجمعة. البعض اعتبرها رسالة "تهديد" موجهة لكل من يحاول لعب دور وساطة أو زعامة اجتماعية في ظل الفوضى الأمنية.
دوافع محتملة.. فرضيات لا أكثر
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لا يوجد دليل رسمي يحدد الدافع. لكن في سياق الواقع العدني والقبلي يمكن الإشارة إلى جملة احتمالات:
1. خلافات قبلية – ثأرية: نزاعات على ملكيات أراضٍ وبسط نفوذ في بئر أحمد ومحيطها.
2. حسابات سياسية: قد تكون مرتبطة بالصراع في الجنوب والتجاذبات بين مكونات سياسية وعسكرية.
3. رسالة ترهيب: موجهة إلى شيوخ آخرين لإسكات أصوات قد تشكل ثِقلاً اجتماعياً.
إلا أن كل هذه الفرضيات تبقى في خانة "التحليل" لا "الوقائع"، حتى تصدر نتائج تحقيق رسمية.
الأثر الاجتماعي والسياسي
اغتيال الشيخ مهدي العقربي أحدث فراغاً في منطقة بئر أحمد، حيث كان يُنظر إليه كشخصية قادرة على حلحلة الخلافات وامتصاص النزاعات.
على المستوى الاجتماعي: يُخشى أن يؤدي غيابه إلى تفجر خلافات قديمة، وعودة النزاعات القبلية إلى السطح.
على المستوى السياسي: الحادثة ستُستغل بلا شك في خطابات القوى المتصارعة، سواء للتشديد على فشل الأجهزة الأمنية أو لتسجيل نقاط سياسية.
على المستوى النفسي: شعور الأهالي بعدم الأمان حتى في بيوت الله، ما قد يفاقم منسوب القلق والخوف.
---
ما الذي يُنتظر؟
1. كشف الحقيقة: على الأجهزة الأمنية أن تعلن نتائج التحقيق سريعاً، وإلا ستبقى الشائعات تملأ الفراغ.
2. ضبط الجناة: القبض على منفذي العملية ومحاسبتهم سيكون معياراً لجدية الدولة في حماية رموز المجتمع.
3. المصالحة القبلية: في حال ثبوت دافع قبلي، من المهم فتح قنوات للحوار والمصالحة قبل أن تتسع دائرة الدم.
4. تأمين دور العبادة: من الضروري فرض إجراءات أمنية مشددة حول المساجد لحماية المصلين.
اغتيال الشيخ مهدي العقربي لم يكن مجرد حادثة جنائية عابرة، بل صدمة هزت وجدان المجتمع العدني، ورسالة خطيرة عن هشاشة الوضع الأمني وتسيّب الفوضى في مدينة لطالما دفعت ثمن الصراعات.
ويبقى السؤال الأهم: هل سينجح التحقيق في كشف الجناة ودوافعهم، أم سيُضاف هذا الاغتيال إلى سلسلة طويلة من الجرائم التي تظل عالقة بين الروايات والشائعات، بلا عدالة ولا إنصاف؟
/المحرر السياسي -ابين تايم