ما زال المثل الشعبي الذي ورثناه عن اجدادنا من خدم الناس بلاش اتهموه بالسرقة يتردد على ألسنة الناس
لكنه لم يبق مجرد عبارة عابرة فقط
بل تحول إلى واقع معاش يلمسه كل من يقدم خدمة أو معروفًا دون مقابل
في زمن تغلبت فيه المصالح الشخصية على قيم الوفاء
أصبح العطاء المجاني مثار شكوك واتهامات فمن يمد يده لمساعدة الآخرين بصدق سرعان ما يجد نفسه محاطًا بعلامات استفهام
لماذا فعل ذلك؟ ما الذي يخفيه؟
وما مصلحته؟ ومن اين له هذا؟
وما هو الحزب الذي ينتمي إليه ؟
وهكذا يتحول المعروف إلى تهمة والنية الطيبة إلى مجال للريبة والشك وكأن فعل الخير
بات خروجا عن المألوف
هذه الظاهرة لا تقف عند حدود الأفراد بل تمتد إلى المؤسسات والمبادرات المجتمعية حيث يُقابَل كل جهد تطوعي أو خدمة عامة مجانية بالتشكيك في دوافعه
وكأن المجتمع لم يعد يؤمن
أن هناك من يعمل لوجه الله
أو حبًا في المصلحة العامة
إن ناكري الجميل كثر وما أكثرهم حين ترى العطاء خاليا من المصلحة هؤلاء ينسفون بجحودهم كل معاني الامتنان ويزرعون الشك بدلًا من أن يزرعوا الثقة وكأنهم يريدون أن يحاصروا أي محاولة صادقة
للتغيير والبذل والعطاء
المطلوب اليوم ليس التوقف
عن فعل الخير بل العكس تمامًا الاستمرار في تقديم المعروف والمساعدة حتى لو قابله الآخرون بالإنكار فالمجتمعات لا تنهض
إلا حين تُعيد الاعتبار لقيمة العطاء المجاني وتحمي أصحاب المبادرات الصادقة من سهام التشكيك
ويبقى السؤال دائما يفرض نفسه
هل وصل بنا الحال إلى درجة أن الخير أصبح تهمة والمجانية جريمة والوفاء عملة نادرة؟
ولذلك فإن مسؤوليتنا جميعا
أنا وأنت هو وهي أن نحمي
أصحاب المبادرات الخيرية
وأن نرفع من قيمة الوفاء ومن صوت الشكر والامتنان حتى
نشجع على فعل الخير ونحميه
من سهام التشكيك فالمجتمع
الذي لا يعرف رد الجميل هو
مجتمع يحكم على نفسه
بالموت البطيء
عبدالقادر السميطي
دلتاأبين
5/9/25