كتب/ ناصر الجريري
لقد بدأ المواطن الجنوبي يشعر بتغير جذري وتدريجي في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بفضل حزمة الإصلاحات الأخيرة التي سعت الحكومة إلى تطبيقها لتفادي الوضع الكارثي والمتردي للاقتصاد الوطني. هذه الإصلاحات جاءت كطوق نجاة لانتشال المواطن من شفا هاوية المجاعة، وفق تقديرات محللي وخبراء الاقتصاد في البلد.
واليوم، ولله الحمد، بدأت العملة الوطنية بالتعافي، مما انعكس إيجابيًا على أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية وغير الأساسية. كما شهدنا تجاوبًا من العديد من التجار في أغلب المحافظات المحررة، الذين سعوا للتخفيف عن كاهل المواطن. ومع ذلك، ما لا يمكن فهمه أو تبريره هو التجاوزات الواضحة من قبل بعض تجار الجملة والتجزئة في عاصمة محافظة أبين، زنجبار، الذين باتت تصرفاتهم الجشعة وغير المسؤولة وكأنها عداء مباشر مع المواطن البسيط.
*التجار في زنجبار: جشع بلا حدود*
رغم انخفاض سعر الصرف، لا تزال أسعار العديد من السلع الأساسية مرتفعة بشكل غير مبرر بالنسبة للمواطن البسيط. وعلى الرغم من أن الجهات المعنية في المحافظة، ممثلة بمكتب الصناعة والتجارة وجهات أخرى، قامت بنزولات يومية للأسواق ومراقبة مستمرة، إلا أن هذه الجهود تبدو غير كافية. فبمجرد مغادرة فرق الرقابة للأسواق، تعود الأسعار إلى سابق عهدها دون أي التزام من قبل التجار.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يلتزم هؤلاء التجار بتخفيض الأسعار أسوة ببقية المحافظات المحررة؟ في الوقت الذي يسعى فيه تجار تلك المحافظات إلى التخفيف من معاناة المواطنين، نجد أن تجار زنجبار يتلاعبون بالأسعار وكأنهم في سباق لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطن البسيط.
*من الريال السعودي إلى جشع التجار*
بالأمس، كان الريال السعودي والمتلاعبون بالعملة الوطنية هما العدوين الرئيسيين للمواطن، يسعيان لإذلاله وإنهاكه. ولكن اليوم، وبعد استقرار العملة وتراجع الريال السعودي، ظهر عدو جديد على الساحة: تجار الجشع والسماسرة الذين يحتكرون أقوات الناس ويتاجرون بمعاناتهم. إن التخفيض الطفيف الذي يقدمه بعض هؤلاء التجار في أسعار السلع الأساسية وكأنه "صدقة" يتصدقون بها على المواطن في زنجبار، لا يُعد سوى استهزاء بمعاناته.
الغريب في الأمر أن الأسعار في مدن ومديريات أخرى من المحافظة أكثر استقرارًا وثباتًا، دون مساومة أو استغلال، وهو ما يجعل من تصرفات تجار زنجبار أمرًا غير مقبول إطلاقًا، ويضع تساؤلات حول غياب الالتزام والانضباط في العاصمة مقارنة ببقية المناطق.
*دعوة للتدخل الحازم*
لهذا، ندعو ونطالب الجهات المعنية ممثلة بالسلطة المحلية في المحافظة، بالإضافة إلى مكتب الصناعة والتجارة، ومكاتب الصحة والزراعة والنقل، وأيضًا أمن محافظة أبين، إلى ضرورة التدخل الحازم. يجب التشديد والضرب بيد من حديد على التجار المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحقهم، مع إلزامهم الفوري بتخفيض أسعار السلع الضرورية بما يتماشى مع انخفاض سعر الصرف، أسوة ببقية المحافظات ومديريات المحافظة الأخرى.
*دور المواطن في مواجهة الجشع*
وبالمقابل، على المواطن أن يكون شريكًا فاعلًا في هذه الجهود من خلال مساعدة السلطات المحلية والجهات المعنية في مراقبة الأسواق والإبلاغ عن أي مخالفات تسعيرية سواء من تجار الجملة أو التجزئة. ينبغي على كل جهة معنية تخصيص أرقام ساخنة للتواصل، ليتسنى للمواطنين الإبلاغ عن أي تجاوزات أو استغلال يمارس بحقهم.
*ختامًا*
إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع، سواء الجهات الرسمية أو المواطنين، للتصدي لجشع التجار وضمان تحقيق العدالة السعرية. فالمواطن الذي عانى لسنوات طويلة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية يستحق أن ينعم بتخفيف حقيقي لمعاناته، وليس أن يقع ضحية لاستغلال غير مبرر.
*والله من وراء القصد.*