كتب/ نور علي صمد
تشهد بلادنا اليمن منذ اندلاع الحرب واحدة من أخطر الظواهر الإنسانية وأكثرها انتهاكًا لحقوق الإنسان وهي تجنيد الأطفال في صفوف الجماعات المسلحة. تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية تكشف أرقامًا صادمة حيث تم رصد آلاف الحالات لأطفال لم تتجاوز أعمارهم الـ 15 عامًا زُج بهم في جبهات القتال في مخالفة صريحة للقوانين الدولية والإنسانية.
في القرى والمناطق النائية تستغل بعض الأطراف ضعف الحالة الاقتصادية للأسر وتغري الأطفال أو ذويهم بمبالغ زهيدة أو وعود كاذبة ليدفعوا بهم إلى ساحات المعارك بدلًا من فصول الدراسة. هؤلاء الصغار، الذين كان من المفترض أن يحملوا الدفاتر والأقلام يجدون أنفسهم يحملون البنادق ويتعرضون لصدمات نفسية وجسدية قد تلازمهم طوال حياتهم.
القانون الدولي واضح في هذا الشأن فـ اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة يحظران تمامًا إشراك من هم دون الثامنة عشرة في أي نشاط عسكري. وتؤكد منظمات حقوقية يمنية ودولية أن المسؤولين عن هذه الجريمة يجب أن يواجهوا المحاسبة وأن تتوقف كل أشكال الاستغلال التي تحرم اليمن من جيل كامل.
خبراء المجتمع المدني في اليمن يوجهون نداءً عاجلًا للأسر: "لا تدفعوا أبناءكم إلى التهلكة مهما اشتدت الظروف" فالمستقبل يبنى بالتعليم والأمان لا بالزج بالأطفال في خطوط النار. ويشددون على أن الصمت على هذه الممارسات هو مشاركة غير مباشرة في جريمة لا يغفرها القانون ولا الضمير.
إن الطفل اليمني يستحق أن يلعب في ساحات المدارس لا في ساحات القتال وأن يسمع صوت الجرس لا دوي القذائف. ووقف هذه المأساة مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة وتمر بالمجتمع وتنتهي عند محاسبة كل من تجرأ على سلب الطفولة من أصحابها.