آخر تحديث :الأربعاء-06 أغسطس 2025-02:27ص
أخبار وتقارير


همس اليراع..مظاهرات أبين ما لها وما عليها !

همس اليراع..مظاهرات أبين 
ما لها وما عليها !
الأربعاء - 06 أغسطس 2025 - 12:37 ص بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

كتب/د.عيدروس نصر

خرجت صباح اليوم (الثلاثا 5 أغسطس 2025م) مظاهرة احتجاجية شملت المئات من أبناء مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين احتجاجا على إغلاق المحلات التجارية وعدم البيع للمستهلكين، الإغلاق الذي يبدو أنه جاء على خلفية التغيير المفاجئ في سعر العملة.

كان من الواضح أن المظاهرة ارتجالية وعشوائية وغير منسقة أو موجهة من جهة رسمية أو شبه رسمية، والدليل على ذلك أن المتظاهرين لم يرفعوا شعارات ولا هتافات وقاموا بمحاولة تكسير، بل وتكسير أبواب المحلات التجارية وقال لي بعض المتابعين أن بعض محلات الملابس والمواد الغذائية تعرضت للاقتحام السلب والنهب، ولا يمكن استبعاد تسلل بعض البلاطجة أو المخربين المدفوعين من جهات مشبوهة وهو ما حول أي مضمون عادل لهذه الافعالية إلى أعمال بلطجة تمثلت في الاعتداء على أملاك التجار بل وبعض الممتلكات التي لا صلة لها بالتجارة.

وقد لوحظ الغياب الكلي لرجال الأمن الذين يفترض أنهم الحاضر الأول في مثل هذه الحالات، وبدت أبين وكأنها بلا سلطة وبلا أمن وبلا دولة، أما السلطة المحلية في أبين فلا وجود لها ولا صوت ولا نَفَس، وبدا أن حكام محافظة أبين أرادوا أن يقولون للمواطنين الساخطين "إن غريمكم هم التجار" وليس لصوص المال العام وطواهيش الأتاوات والعابثين بموارد البلاد، ومنها محافظة أبين.

ربما تكون هذه الحادثة حالة عابرة وربما تقتصر على محافظة أبين وعاصمتها الجميلة الهادئة زنجبار، لكن خلفية الحدث تحمل دلالات عميقة فحواها أن قرار تعديل سعر الصرف الذي اتخذ ارتجالياً، دون توفر دراسة وافية للتبعات ولا حتى ضمانات كافية تستوعب التوقعات المتصلة بردود الأفعال إزاء هذا القرار كان لا بد أن تستتبعها أمور كهذه.

أحد تجار المواد الغذائية الذين تواصلت معهم قال لي: كنا أمام خيارين؛ إما البيع بالسعر القديم، الذي اشترينا به البضائع، ولن يشتري منا أحد، لا بل ستتعرض محلاتنا للنهب والسلب؛ وإما أن نبيع بالسعر الجديد المتصل بتغيير سعر العملة وسنبيع بخسارة، لذلك فضلنا إغلاق المحلات حتى تستقر الأمور وتتبين السياسات المتخذة من قبل الدولة، وسنستأنف عملنا بطبيعة الحال، لكن غياب السلطات الرسمية والسياسات المسؤولة تجاه القرارات التي تتخذها (والكلام للتاجر) أوصلنا إلى هذا المستوى من الفوضى والعشوائية وما سيترتب عليها من عواقب كارثية.

من المضحك المبكي أن أحد التجار الطيبين الذين التزموا بقرار التخفيض باع زوج أحذية (أعزكم الله) لأحد الزبائن مساء ما قبل يوم تعديل سعر الصرف، أخو الزبون أعجب بالبضاعة وراح اليوم التالي واشتراها بنصف السعر، فما كان من الزبون الأول إلا إن اتجه نحو البائع وخاض معه معركة (ملطامة) حامية الوطيس بسبب السعر المتفاوت بين العشية وصبيحتها.

حادثة أبين على صغرها تبعث رسالة مهمة للسلطات التي يفترض أنها شرعية، فحواها إن الاجراءات غير المدروسة لن تثمر إلا مثل هذا النوع من النتائج العكسية، وإن التحكم في السعر ينبغي أن يرافقه تحكم عقلاني ومسؤول يراعي مصالح جميع القطاعات الشعبية وأولهم الزبون والتاجر ويردع المستهترين ومهندسي وهواة الفوضى والتخريب.

قال لي صديق من المهتمين بالأمور المالية، لا تستعجلوا في الحكم والاستبشار أو التشاؤم، وانتظروا أسابيع فقط فقد يقفز سعر الدولار إلى ما فوق الثلاثة آلاف وحينها لا البوليس ولا الحكومة ولا حتى الأشقاء يمكن أن يسيطروا على التداعيات التي سينتجها هذا الوضع الكارثي.

أتمنى أن يكون صديقي مخطئاً، لكن الأيام بيننا