آخر تحديث :الثلاثاء-13 مايو 2025-11:05م

في ضوء الانتفاضة النسائية

الثلاثاء - 13 مايو 2025 - الساعة 08:05 م

د.عيدروس نصر ناصر
بقلم: د.عيدروس نصر ناصر
- ارشيف الكاتب

لا بد من التوقف عند المدلولات السياسية والاجتماعية التي تعبر عنها المسيرة النسوية التي شهدتها مدينة عدن يوم السبت الماضي 10 مايو 2025م والتي عبرت عن الاحتجاج على حرب الخدمات ورفض سياسات التجويع والتسيب والانفلات والفساد الإداري والمالي الذي تعيشه عدن والجنوب في ظل الشرعية غير المؤهلة لأي عمل يعبر عن حضور الدولة ورغبتها في الاضطلاع بمسؤولياتها البديهية.

وهنا يمكن التعرض للحقائق التالية:

1. إن هذه المسيرة التي قد تغدو عنوان انتفاضة شعبية عارمة توشك على الاندلاع وقد تشمل كل الجنوب، هذه المسيرة لم تأتِ من فراغ ولكنها جاءت نتيجةً طبيعية للتدهور المريع الذي تشهده الحياة المعيشية والخدمية وبقية جوانب الحياة الإنسانية في مناطق نفوذ الشرعية اليمنية البائسة.

2. بدت على المشاركات في الفعالية حالة من غياب الإعداد والتحضير الجيدين، ونشر بعض المتحاملين على الفعالية مقاطع تتضمن أحاديث غير متناغمة، ومشادات، وهذا أمر مفهوم لأن المتشفين يبحثون عن الصغائر ولا يبحثون عن الأسباب والخلفيات التي أوصلت الناس إلى هذا المستوى من الاستعداد للثورة من جديد بعد أن اختطف اللصوص الثروة الجنوبية الرائعة وانتصارها العظيم، مثلما اختطفوا كل شي على مدى ما يقارب عقود من حياة أبناء الجنوب.

3. إن غياب الواجهة الرسمية المنظمة للفعالية يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الظواهر، وهي في كل الأحوال لا يمكن أن تؤثر على القيمة المعنوية والمضمون السياسي للفعالية وأتوقع أن الفعاليات القادمة ستكون أكثر تنظيما ووحدةً في الشعارات والمطالب، وبهذه المناسبة أدعو كل المشاركين والمشاركات في أية فعاليات قادمة إلى أن يركزوا على أهم القضايا المطلبية والسياسية المتصلة بحياة الناس ومستقبل الجنوب، كقواسم مشتركة يجمع الكل على الالتفاف حولها، وتجنب الخوض في ما يدعو إلى الاختلاف والتنافر وما قد يسعى الأعداء إلى اصطناعه من نقاط تباين واختلاف لخدمة أجنداتهم الخفية والمعلنة.

4. لقد كان انحصار المشاركة على العنصر النسائي ظاهرة ملفتة للأنظار، وتساءل كثيرون أين الرجال؟ ألا يشعرون بما تشعر به الحرائر من مرارات المعاناة ونيران الحصار والتجويع والحرمان؟

والحقيقة إنه من السابق لأوانه الرد على هذا التساؤل إذ إنه يستدعي التوقف عند العديد من العوامل والمؤثرات المختلفة التي تقف وراء هذه الحالة، لكن ما يمكن توقعه أن تشهد الأيام والأسابيع والأشهر القادمة المزيد من الفعاليات واحتشاد الآلاف وربما مئات الآلاف من الرجال والنساء على السواء في الفعاليات الاحتجاجية القادمة، فسياسات الفساد والإفساد والتجويع ومحاولات التركيع لم ولن تتوقف، والرجال الذين صمدوا سنيناً وسنينَ في ساحات النضال السلمي وأشهرَ متواصلةً في جبهات المواجهة المسلحة لا يمكن أن يغفلوا عن واجبهم الوطني في الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم ومستقبل وطنهم وشعبهم.

5. إن وقوف إعلام المجلس الانتقالي بجانب الفعالية وتغطيتها إعلاميا، وتعبير العديد من قادة المجلس عن التضامن مع مطالب المشاركات في المسيرة قد مثل موقفاً حكيماً وصائباً، لكن ومن أجل أن يبرهن المجلس الانتقالي على تمسكه بهذه الشعارات والمطالب التي هي جزءٌ أصيل من أدبياته ونهجه السياسي، لا بد أن يرفق هذا الموقف بإجراء سياسي مباشر وهو الاستفادة من مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي وفي الحكومة وتبني مجموعة من الإجراءات العملية التي تستجيب لمطالب المحتجات التي هي جزءٌ رئيسي من مطالب السواد الأعظم من أبناء الشعب الجنوبي الذي يكتوي بكل فئاته وشرائحه بنيران الغلاء وسياسات الإفقار والتجويع وحرب الخدمات التي تمارسها سلطات 7/7 منذ ذلك اليوم اللعين وحتى يوم الناس هذا مهما تبايت المستويات واختلفت الدرجات.

فهل سيفعلها قادة مجلسنا الانتقالي الجنوبي؟