كتب / ليان صالح
لم تكن الحشود الجماهيرية التي احتشدت في مخيم الاعتصام بمحافظة أبين حدثًا عابرًا أو ردّة فعل مؤقتة، بل كانت إعلانًا سياسيًا واضحًا، ورسالة حاسمة لا تحتمل التأويل، بأن شعب الجنوب قد حسم خياره النهائي، وقرر المضي بلا تردد نحو إعلان دولته، مهما تعددت محاولات الالتفاف أو تأخرت القرارات.
أبين، بتاريخها النضالي وثقلها الوطني، خرجت اليوم لتؤكد أنها في صدارة معركة الوعي والسيادة، وأنها لن تقبل العودة إلى مربع الوصاية أو الارتهان لقرارات مفروضة من خارج إرادة شعبها. فهذه الأرض التي كانت دائمًا شرارة المواقف الكبرى، تقول اليوم بوضوح: لا شرعية إلا لإرادة الجنوب، ولا قرار يعلو فوق قرار شعبه.
إن مشاركة القيادات السياسية والعسكرية، وتقدمهم صفوف المعتصمين، يؤكد أن مشروع استعادة دولة الجنوب العربي لم يعد مجرد مطلب جماهيري، بل أصبح مسارًا سياسيًا جامعًا، تتقاطع عنده إرادة الشارع مع موقف القيادة، في لحظة تاريخية فارقة لا تقبل أنصاف الحلول ولا سياسة التسويف.
ومن ساحات الاعتصام، يوجه أبناء أبين رسالة مباشرة للمجتمع الدولي مفادها أن تجاهل حق شعب الجنوب في تقرير مصيره لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، وأن الرهان على أدوات فاشلة، أو على قرارات صادرة عن رشاد العليمي، هو رهان خاسر لا يعكس واقع الأرض ولا يعبر عن إرادة الناس.
أبين اليوم لا تحتج فقط، بل تمارس حقها السياسي الكامل، وتفرض معادلة جديدة عنوانها الواضح: إعلان دولة الجنوب العربي لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل استحقاقًا وطنيًا لا يقبل المساومة أو الإرجاء.
أبين تكلمت… والجنوب قرر، ومن يقف في الاتجاه المعاكس، سيتجاوزه التاريخ كما تجاوز من قبله كل من راهن على كسر إرادة الشعوب.
