آخر تحديث :الإثنين-08 ديسمبر 2025-11:04م
أخبار وتقارير


كيف حوّل بعض أولياء الأمور الامتحانات إلى موسم طوارئ وضغوط نفسية على أبنائهم؟

كيف حوّل بعض أولياء الأمور الامتحانات إلى موسم طوارئ وضغوط نفسية على أبنائهم؟
الإثنين - 08 ديسمبر 2025 - 08:44 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

بقلم الموجه التربوي الأستاذ/ فهد حنش أبو ماجد

لا يزال كثيراً من أولياء الأمور يتعاملون مع التحصيل الدراسي بمنظور ضيق وقاصر، فبينما يهمل بعضهم متابعة أبنائهم طوال العام الدراسي تاركين لهم مراجعة الدروس بمفردهم دون توجيه أو تقديم لهم أي مساعدة، نجد آخرين يمارسون المتابعة ولكن بأساليب تفتقر لأبسط قواعد التربية معتمدين على الترهيب والتهديد بدل التشجيع وبناء الثقة.


ومع اقتراب موعد الامتحانات تتحوّل الكثير من المنازل إلى ساحات طوارئ يسودها التوتر والقلق، وترتفع فيها وتيرة التهديدات والضغوط، ليجد الأبناء أنفسهم في مناخ نفسي يفوق قدرتهم على الاحتمال. ويدخل بعض الطلاب قاعات الاختبار وهم خائفين من ردة فعل أسرهم أكثر من خوفهم من أسئلة الامتحان فيما إذا أخفقوا ببعض الدرجات. فتشهد القاعات انهيار بعض الطلاب وبكاءهم عند مواجهة أي سؤال صعب، أو عندما يتفوق عليهم بعض زملائهم.


واللافت أن كثيراً من أولياء الأمور الذين لم يزورون المدارس طوال العام يظهرون فجأة أيام الامتحانات بوجود لافت ومبالغ فيه، فمنهم من يدخل مع المعلمين في جدل ونقاشات لا تمت للتربية بصلة، ويقدمون للأبناء نموذجاً خاطئاً في التعامل مع المدرسة والامتحانات.


ومن الملاحظ أن بعض الأسر لا تنظر إلى الامتحانات بوصفها وسيلة لقياس مستوى أبنائها بقدر ما تنظر إليها كغاية ومجال للمقارنات والمنافسات الشخصية، فعندما يحصل الأبناء على نتيجة أي مادة يسارع بعض أولياء الأمور إلى السؤال عن درجات أبناء فلان وأبناء فلان، مما يدفعهم إلى الشعور بالاستعلاء والأذى النفسي إذا تفوق الآخرين على أبنائهم.


ومن منظور تربوي، فإن مسؤولية الأسرة لا تقتصر على توفير الكتب والرسوم الدراسية ومتابعة نتائح الامتحانات، بل تتعداها إلى المتابعة الهادئة والمستمرة للأبناء طوال العام الدراسي، والاهتمام الجاد بتنظيم وقت المذاكرة، وتوفير بيئة منزلية مناسبة، والتواصل الفعال مع المعلمين لمعرفة احتياجات الأبناء. فالامتحان ليس معركة مصيرية تُنتزع فيها المراكز الأولى بأي وسيلة بل هو محطة تقييم هدفها قياس مستوى التحصيل العلمي لدى الطالب، وتحديد نقاط القوة للبناء عليها وتحديد نقاط الضعف لمعالجتها وتقويتها.


كما أن الأبناء بحاجة ماسة إلى الدعم النفسي، وإلى سماع الكلمات الإيجابية التي ترفع من معنوياتهم وتحفزهم إلى تحصيل علمي فعال حتى وان اخفقوا ببعض الدرجات، فدعمهم نفسياً يمنحهم القدرة على مذاكرة دروسهم بطمانينة وخوض الامتحانات بثقة، بعيداً عن لغة التهديد والوعيد التي تربكهم وتجعلهم متوترين وقلقين. ولابد من توعية الأبناء بأن الدرجات ليست حكماً على قيمتهم الشخصية بل مؤشر يساعد على معرفة ما يحتاجونه من تطوير.


وتبقى أهم رسالة يجب أن يعيها أولياء الأمور هي أن الأسرة يجب أن تكون مصدر أمان وتحفيز لا بيئة خوف وقلق، فالصحة النفسية للأبناء أساس نجاحهم الدراسي، وإن تدميرها بالتهديد والمقارنات لن يصنع منهم متفوقين، بل سيصنع منهم جيلاً ضعيفاً فاقد الثقة بنفسه وقدراته.


إن إصلاح سلوكيات الأسرة تجاه التعليم والامتحانات ضرورة تربوية، ومسؤولية مشتركة لضمان مستقبل تعليمي سليم لأبنائنا قائم على الثقة والدعم النفسي لا على الرهبة والخوف.