أفادت تقارير علمية أمريكية حديثة بتحقيق نتائج واعدة قد تغيّر مستقبل ملايين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) حول العالم. بعد ثلاثة عقود من البحث، نجح فريق علمي في السيطرة على الفيروس لدى بعض المرضى دون الحاجة للأدوية اليومية، وفق دراسة نشرتها مجلة Nature وأوردتها صحيفة واشنطن بوست.
اختراق علمي بعد 30 عامًا
قاد البروفيسور ستيفن ديكس من جامعة كاليفورنيا تجربة شملت 10 مرضى تلقوا مزيجًا معقدًا من العلاجات المناعية التجريبية على مدار عامين، مع 60 موعدًا طبيًا. بعد إيقاف الأدوية المضادة للفيروسات، شهد ستة من المشاركين عودة بطيئة للفيروس عند مستويات منخفضة، بينما تمكن جهاز المناعة لأحد المرضى من كبح الفيروس لأكثر من عام ونصف دون تدخل دوائي.
وصف ديكس النتائج بأنها "استثنائية وغير مسبوقة"، مؤكدًا أن حجم العينة الصغير وغياب مجموعة مقارنة لا يقللان من أهمية النتائج. وأيدته الدكتورة شارون ليوين، مديرة معهد دوهرتي بجامعة ملبورن، معتبرة الدراسة نقطة انطلاق لتوجهات جديدة في مجال العلاج.
أزمة عالمية تتطلب حلولًا جذرية
يبلغ عدد المصابين بالفيروس حول العالم أكثر من 40 مليون شخص، وفق منظمة الصحة العالمية. ورغم فعالية الأدوية المضادة للفيروسات، فإن الحاجة لتناولها مدى الحياة تمثل عبئًا كبيرًا على المرضى، خاصة في الدول التي يصعب فيها الوصول المستمر للعلاج.
تجربة شخصية ملهمة
شارك توم بيرولت، أحد المرضى الستينيين، في التجربة منذ 2005. بعد تلقي العلاجات المناعية وإيقاف دوائه في يوليو 2021، ظل الفيروس غائبًا عدة أشهر، ما منح بيرولت شعورًا بالأمل، رغم عودة الفيروس لاحقًا. وصف بيرولت التجربة بأنها "وحي"، معبّرًا عن تفاؤله بمستقبل العلاج.
الإستراتيجية العلاجية
تعتمد التجربة على نهج متعدد المراحل لتدريب الجهاز المناعي على محاربة الفيروس بشكل مستقل. شمل العلاج لقاحًا تجريبيًا لتحفيز الخلايا المناعية، وأجسامًا مضادة واسعة التعادل، وعقارًا لتنشيط الجهاز المناعي، قبل إيقاف الأدوية اليومية. وأوضحت الدكتورة راشيل روتيشوزر من جامعة كاليفورنيا أن "الخلايا المناعية كانت جاهزة لمهاجمة الفيروس فور ظهوره"، مشيرة إلى أن الهدف هو تحسين فاعلية خلايا المناعة المقاتلة، وليس تطبيق النظام المعقد مباشرة في العيادات.