يقول المثل العربي القديم:
"إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين"، وهي عبارة تحمل في طياتها معنًى عميقًا عن الغرور حين يصيب الضعفاء، فيُغريهم بالمظاهر الزائفة حتى يكون سببًا في سقوطهم.
في حياتنا اليوم نرى الكثير من "النمل" الذي أُنبِتت له أجنحة…
نراه في المسؤول الذي لم يعرف الإدارة إلا بعد أن لبس ثوب المنصب،
فظنّ أنه أصبح فوق الناس، ونسِي أن الكرسي زائل.
نراه في التاجر الذي أغرته الأرباح فنسي القيم، فرفع الأسعار بلا رحمة، وأرهق الفقراء.
نراه في بعض الشباب الذين خدعتهم الشهرة السريعة في وسائل التواصل،
فظنوا أنهم قادة رأي، وتناسوا أن المجد لا يُبنى بالكلمات العابرة، بل بالفعل الصادق والموقف النبيل.
ونراه في بعض من يكتبون في الصحف، ويظنون أن ما يكتبونه هو الحق، وهم يعلمون أنهم على باطل.
إن المعنى الحقيقي لهذا المثل لا يقتصر على النملة وحدها،
بل هو درس لنا جميعًا،
مفاده أن التواضع رأس الحكمة،
وأن الغرور مقدمة السقوط،
وأن من ارتفع بغير حق سيهوي حتمًا، بقدرة الله وعدالته.
لقد علمتنا الحياة أن القوة ليست في الجناحين، بل في الثبات على الأرض،
وأن الرفعة الحقيقية تأتي بالعلم والعمل والأخلاق والتواضع والإخلاص والوفاء،
لا بالمنصب، ولا بالمال، ولا بالمظاهر.
ولعلنا في زمننا هذا، أحوج ما نكون إلى استحضار هذه الحكمة في كل مجالات حياتنا:
في العمل، في المجتمع، وفي العلاقات بين الناس.
لأن من ظنّ أنه قادر على الطيران دون أساسٍ متين من القيم والمبادئ،
سيجد نفسه يسقط في أول رياحٍ عاتية.
تذكروا دائمًا، أحبتي:
إن من تواضع لله رفعه،
ومن تكبّر على الناس وضعه.
من /عبدالقادر السميطي