كتب /رمزي فرج الشيبه:
محافظة أبين من المحافظات التي أسهمت بشكل فاعل في الجنوب في شتى المجالات: سياسيًا، وثقافيًا، واجتماعيًا. ولا يمر الجنوب بمنعطف وطني أو ثوري إلا وتكون أبين فيه ركيزة أساسية، وعاملًا لاستقراره وإنجاحه، كونها تُعتبر الرافد الأساسي له قياديًا وميدانيًا.
ورغم أن أبين قد أفرزت قيادات من الصف الأول، تولّت قيادة الجنوب في ثلاث مراحل من تاريخه، إلا أنها لم تشهد إلى يومنا هذا ازدهارًا، ولا تنمية، ولا نهضة اقتصادية أو علمية، ولا حتى توافقًا يوحّد نهجها ومشاريعها الوطنية.
وما نلاحظه ويلاحظه الجميع أن أبين أصبحت مقسومة بانتماءات وتوجّهات أبنائها السياسية والفكرية، بمختلف شرائحها المجتمعية الفاعلة. فمنذ انطلاق ثورة أكتوبر ونيل الجنوب استقلاله، كانت قيادات أبين تتوزع بين مؤيد ومعارض سياسيًا وتنظيميًا، مرورًا بحكم سالمين الذي يُعدّ من أزهى فترات الجنوب من حيث التنمية والعدالة الاجتماعية، ثم أحداث يناير، وما بعدها، وصولًا إلى الوحدة اليمنية، مرورًا بعام 1994م، الذي أظهر الانقسامات بشكل جلي وواضح للعيان.
أقسام أبناء أبين اليوم
1. القسم الأول
اتجه إلى مشروع الوحدة بمسمياتها المختلفة، متمثلًا في مشروعَي (هادي وناصر)، وقد التحق بهم كثير من أبناء أبين. بعضهم رأى في هذين المشروعين حلًا وخلاصًا لأبين والجنوب من الصراعات السياسية، والبعض الآخر التحق لمصلحة خاصة، وآخرون انجذبوا بدوافع جهوية أو بسبب أحداث لا تزال عالقة في أذهانهم، متبنين عقلية "أنا وأخي على ابن عمي".
2. القسم الثاني
وهم التحرريون المطالبون باستعادة دولة الجنوب، ويرون أن مشروع الجنوب الجديد القائم على الفيدرالية الجنوبية هو الحل لاستقرار أبين، وعودتها إلى الواجهة، وتنميتها، وتثبيت أمنها. وهم كُثر، ومنهم من يؤمن بهذا المشروع بصدق، ومنهم من يراه وسيلة لتحقيق مصالح خاصة. ورغم اختلافهم حول "الحامل السياسي" لهذا المشروع، إلا أن ما يجمعهم هو المبدأ التحرري لاستعادة الجنوب.
3. القسم الثالث
تفرّق إلى مسارات أكثر تعقيدًا:
بعضهم تمترس خلف أفكار أيديولوجية قديمة، لا تزال تدور في فلك حزبي وقومي، لم تعد صالحة حتى في بلدانها الأصلية.
البعض الآخر اتجه نحو تيارات وتنظيمات دينية وعقائدية، بعضها تصف نفسها بـ"الجهادية"، وأخرى تنتمي لمدارس فكرية سنية وخلافية متعددة.
وهناك من بقي محايدًا، ولم يُظهر موقفًا واضحًا. وهؤلاء من مختلف الفئات والشرائح: من الإنسان البسيط، إلى الشخص المتعلم والمثقف، مرورًا بالوجهاء، لكنهم آثروا الانكفاء والانزواء داخل بيئاتهم الخاصة، يرون في الصمت وسيلة للهروب من واقع متقلب لم تتضح معالمه بعد.
الخلاصة: نداء من القلب
أما آن الأوان أن يظهر من رجالات أبين وأبنائها من يوحّد الصف، ويجمع الكلمة، ويَلمّ الشمل، لتعود أبين إلى مقامها العالي، وتستعيد مكانتها وريادتها التي عرفها الجميع؟