في جنوب الوطن، وتحديدًا من دلتا أبين، برزت شخصية وطنية استثنائية، سطّرت مواقفها بصمت ووفاء بعيدًا عن الأضواء، مجسّدة أسمى معاني العطاء والانتماء، دون مَنٍّ أو انتظار للثناء. إنه الشيخ ورجل الأعمال الشيخ شيخ بالليل الرهوي، والد الشهيد بالليل.
ينحدر الشيخ شيخ بالليل من أسرة مناضلة ضاربة في جذور النضال الوطني، تبدأ من والده المناضل بالليل شيخ أمجمل، أحد رموز التحرير من الاستعمار البريطاني، والحاكم السابق لدلتا أبين وسدّة كلد في عهد السلطنة اليافعية، وعضو المجلس التشريعي إبان حكومة الاتحاد الفيدرالي.
أسرة حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن الوطن، وتميّز أبناؤها بالمكانة الاجتماعية والثقافية، وبحسٍّ وطني رفيع.
في كنف هذه الأسرة العريقة، نشأ شيخ بالليل متشبعًا بقيم الوفاء والانتماء، فكان دائمًا في طليعة الصفوف، خصوصًا منذ اجتياح الجنوب عام 1994، حيث وقف بصلابة إلى جانب أهله في أبين، مناصرًا لقضاياهم ومدافعًا عن حقوقهم.
لم يكن حضوره مقتصرًا على الجانب السياسي فحسب، بل امتد عطاؤه إلى المجالات الإنسانية والثقافية والرياضية، فكان الداعم الأبرز في مناطق باتيس والحصن والدلتا عمومًا، من خلال رعايته للأنشطة المجتمعية، وتقديم العون للمحتاجين. كما امتد أثره الإنساني إلى عدن ومناطق أخرى من الجنوب.
وفي ميادين الثورة والنضال السلمي، كان الشيخ شيخ بالليل ركنًا أساسيًا في دعم المليونيات والفعاليات الجنوبية، لا سيما في باتيس وأبين، حيث قدّم من ماله وجهده ووقته، وشارك بفاعلية في الاعتصامات وسائر الأنشطة الثورية.
غير أن العطاء الأعظم تجلّى في معركة تحرير مطار عدن عام 2015، حيث قدّم أغلى ما يملك، فلذة كبده وولده البكر "الشهيد بالليل"، الذي لم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره، فاستُشهد وهو يدافع عن تراب الوطن. كما أُصيب ابنه الأصغر رياض، وشارك أقرباؤه كذلك في المعارك.
ورغم هذه التضحيات الجليلة، لم تكن دوافعه الشهرة أو الظهور، بل كان يردد دومًا:
"كل شيء يهون من أجل الجنوب.. أموالنا وأرواحنا فداء لوطننا وعزته وكرامته."
الشيخ شيخ بالليل الرهوي هو رمز للبساطة والصدق، لا تفارق الابتسامة وجهه حتى في أحلك الظروف، ويزرعها بدوره على وجوه المحتاجين والفقراء، حاملاً رسالة إنسانية ووطنية نادرة.
إنه رجل بحجم وطن، يستحق أن تُدوّن سيرته، وتُوثّق مواقفه، ويُخلَّد اسمه في ذاكرة الجنوب، وفاءً لما قدّمه وما زال يقدّمه.
فله منّا كل التحية والتقدير...
من /حسين محمد عمير (أبو مطلق)-2016م