آخر تحديث :السبت-11 أكتوبر 2025-07:51م
أخبار وتقارير


أكثروا من الحِرَف تَنجُوا من الفقر

أكثروا من الحِرَف تَنجُوا من الفقر
السبت - 11 أكتوبر 2025 - 04:35 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

الريف أرضُ الحِرَف المتعددة


تُعجبني حياةُ الريف بما تحمله من بساطةٍ وإنتاجٍ وارتباطٍ بالأرض، فالريف ليس مجرد مكانٍ للعيش، بل مدرسةٌ للحياة والعمل.


من يمتلك المثلث الذهبي: الأرض – الوقت – الطاقة، ويضيف إليه شيئًا من المال والإرادة والصبر، يستطيع أن يحوّل كل زاويةٍ من منزله إلى مشروعٍ إنتاجي صغير: بقرة، ماعز، نعجة، دجاجة، أو بضع خلايا نحلٍ تزين المكان وتملأه بصوت الطنين السارح المحمّل بحبوب اللقاح والرحيق، لتدرَّ العسل الطبيعي النقي، وتساهم بشكلٍ غير مباشر في تلقيح المحاصيل الزراعية.



---


الثروة الحيوانية موردٌ للرزق والأمن الغذائي


في الماضي البعيد، كانت كل أسرةٍ ريفية تمتلك عددًا من الحيوانات التي تمدها بالحليب والسمن واللحم والعسل والبيض، فتؤمن اكتفاءها الذاتي وتحقق دخلًا بسيطًا ومستقرًا.

أما اليوم، وللأسف الشديد، فقد تراجعت تربية الحيوانات في كثيرٍ من المناطق الريفية نتيجة الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف الخضراء والجافة، حتى بلغ سعر كيس النخالة نحو 25,000 ريال، وسعر حزمة العلف الجاف حوالي 7,000 ريال، وهو رقم أنهك المربين ودفعهم إلى بيع مواشيهم.



---


تحدّيات ومشكلات المربين


يعاني مربّو الحيوانات من صعوباتٍ متزايدة، أهمها:


1. ارتفاع تكاليف الأعلاف.



2. غياب الأسواق لتسويق الجلود، مما يؤدي إلى رميها في القمامة، فتسبب الكثير من الإزعاج بالروائح الكريهة وانتشار الحشرات التي تنقل الأمراض بين السكان.



3. انتشار الأوبئة الحيوانية في ظل ضعف الإمكانيات البيطرية.




هذه العوامل مجتمعةً تهدد استمرارية هذه المهنة الريفية الأصيلة، وتحرم الأسر من مصدر رزقها الآمن.



---


فرصٌ واعدة للاستثمار الحيواني


رغم كل الصعوبات، تبقى محافظتا أبين ولحج أرضًا بكرًا للاستثمار في مجال تربية الحيوان والدواجن ونحل العسل؛ فالبيئة الطبيعية والغطاء النباتي المتنوع يشكلان بيئةً مثالية لتربية الأبقار المنتجة للألبان واللحوم مثل الهولشتاين والساهيوال والجرسي والفريزيان.


وكلنا نتذكر مزارع الأبقار في لحج وأبين كيف كانت في الزمن الجميل، إلى جانب الأغنام والإبل والدواجن.

كما نتذكر أيضًا دواجن ذلك الزمن حين كانت الدجاجة الواحدة تزن أكثر من كيلوَين ولا تتجاوز قيمتها دينارًا واحدًا فقط.


إن هذا القطاع يمكن أن يكون رافعةً حقيقية للاقتصاد الريفي إذا ما دُعم بالخبرة والعلف والسلالات المحسّنة.



---


مخلّفات الحيوانات... ذهبُ المزارع الأخضر


لا يجب أن تُهمل مخلّفات الحيوانات، فهي ثروةٌ خضراء تُعرف بالسماد العضوي (الدمان أو الكمبوست) تُحسّن خصوبة التربة وتزيد الإنتاج الزراعي بنسبةٍ تتجاوز 30٪ بعد تخميرها بطريقةٍ صحيحة، كما يمكن استثمارها لإنتاج الطاقة الحيوية (البيوغاز)، ما يجعلها موردًا مزدوج الفائدة للغذاء والطاقة.



---


عسل أبين... ذهبُ الطبيعة


تُعدّ تربية نحل العسل مهنةً أصيلة في محافظة أبين، تشتهر بها مناطق مثل: وادي حَمّه، حَطاط، خِيْرَة، قَرَض، لَوْدَر، سَبَاح، أَحُور، مُودِيَّه، المَحفَد، السِّيلَة البيضاء، وشِعْب جَدَاس، حيث تُنتج أنواعًا متميزة من العسل مثل: السدر، السمر، القرض، المروه، وعسل المراعي.


ورغم مشقة عمل النحالين، فإن هذه المهنة ذات عائدٍ مجزٍ ومتعةٍ خاصة، وتفتح أبوابًا جديدةً للاستثمار الريفي المستدام.



---


وأخيرًا... الرسالة واضحة:


من يعمل ويُكثر من الحِرَف في الريف ينجُ من الفقر.

تربية الحيوان والنحل والدواجن ليست مجرد أعمالٍ تقليدية، بل مشاريع صغيرة قادرة على تحقيق الأمن الغذائي وخلق فرص عملٍ ودعم الاستقرار الاجتماعي والمعرفي للأسرة الريفية في كل مناطق الريف على مستوى اليمن شمالًا وجنوبًا.



/ عبدالقادر السميطي

دلتا أبين