بقلم /الأستاذ المناضل محمد شيخ أحمد :
مراجعة وتنسيق:نائف زين ناصر أحمد:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أبناء مديرية سرار خاصة،
ويافع بشكل عام،
والأصدقاء والمتابعين المحترمين، تحية وبعد:
سبق وأن وعدت بكتابة مذكراتي عن كل ما أعرفه وعايشته في تجربة تأسيس أول مركز لمحو الأمية وتعليم الكبار ونادي للشباب في مديرية سرار – يافع حاليًا، منطقة سرار سابقًا – بعد تحقيق الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م من القرن الماضي، والتي كانت أول تجربة على مستوى يافع بشكل عام، وأصبحت نموذجًا وعممت على مستوى مناطق يافع كافة.
وكان الهدف من ذلك أن تعرف أجيال الحاضر أولًا بهذا الحدث الذي شهدته يافع لأول مرة وبشكله الجديد عبر تاريخ الآباء والأجداد، ولعدة أسباب وعوامل وظروف، وقد تحقق ذلك بفضل ثورة 14 أكتوبر الخالدة ونضال وتضحيات شعب الجنوب ومن قدموا أرواحهم فداءً للوطن وأرضه وشعبه من أجل التحرير والاستقلال والتقدم والتطور.
ومن خلال شباب أرادوا البداية في صنع تاريخ جديد وحياة جديدة، وكانوا في مقدمة المبادرات رجالًا وشبابًا، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر. وبعد أكثر من نصف قرن على هذا الحدث وهذه التجربة "كتب المنشور قبل سنوات"قضى الله نحبه الكثير منهم، وما بقي إلا القليل، وأنا أحدهم .
قررت أن أكتب مذكراتي بقدر ما أستطيع قبل أن يأتي الأجل ويقضي أمرًا كان مفعولًا، باعتباري أحد مؤسسي هذه التجربة، من أجل أن يتذكر الأبناء والأحفاد ما قام به آباؤهم وأجدادهم من قبلهم في أصعب الظروف والأوضاع والأحوال.
علماً بأنني سوف أحاول أن أكتب مذكراتي عن أهم ما أعرفه وعايشته وما أتذكره من ظروف وأوضاع وأحداث وأزمان وأماكن، وأهم من أسهموا، والتي أستطيع أن أتذكر أسمائهم، وربما أنسى الكثير منهم، وسيكون ذلك بشكل حلقات متسلسلة.
من شريط الذكريات: تجربة تأسيس أول مركز لمحو الأمية وتعليم الكبار ونادي الشباب بعد الاستقلال الوطني 1967م في مديرية سرار
الحلقة الأولى – الجزء الأول
التمهيدية: السيرة الذاتية والأوضاع والأحداث في منطقة سرار قبل الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م
السيرة الذاتية – البداية الأولى للأسرة
الاسم الكامل: محمد شيخ أحمد قاسم
مواليد: 1948م، قرية الحجيشة – سرار – يافع
تعلمت القراءة والكتابة على يد والدي – رحمه الله – الذي كان فقيهًا وتخرج على يديه الكثير من الدارسين تقريبًا في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، بجانب مسجد علي أمبابكر وتحت شجرة القرضة، وكان أيضًا أمام وخطيب مسجد علي أمبابكر – أكبر وأهم مسجد في المنطقة، ومأذونًا من سلطنة يافع لعقد الزواج وكتابة الوثائق والسجلات بين المواطنين.
واصلت الدراسة بعد الاستقلال الوطني عبر الانتساب والمراجعة مع المدرسين في مدرسة المقيصرة – سرار، وامتحنت الصف السادس الابتدائي للعام الدراسي 1970-1971م عبر الإدارة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، ثم ثانوية بلقيس – خور مكسر عدن، وواصلت الدراسة حسب العادة عبر الانتساب، وامتحنت الصف الثالث الإعدادي في إعدادية رصد مع الطلاب للعام الدراسي 1974-1975م، والثانوية العامة في ثانوي زنجبار للعام الدراسي 1979-1980م.
درست العلوم السياسية في دورة عام دراسي بمعهد باذيب – فرع أبين، وحصلت على درجة ممتاز، ثم دورة ثلاث سنوات في العلوم السياسية بمعهد باذيب – عدن، ولم أكمل الامتحان النهائي ورسالة الدبلوم لظروف خاصة. كل نتائج الامتحانات خلال عامين ونصف في عدن كانت بدرجة امتياز. كما درست اللغة الإنجليزية لمدة ثلاثة أشهر بمعهد شمسان – عدن، ودورة محاسبة ومسك الدفاتر وعددًا من الدورات التأهيلية في مجال العمل. خلال عملي في العمل التنظيمي والحزبي والسياسي لأكثر من 25 عامًا، منحت عددًا من الشهادات التقديرية.
الحياة الأسرية والرحلات
أخي الأكبر حسين شيخ أحمد قاسم، قرر السفر إلى دوحة قطر، وهو الأخ الوحيد عندي، في عام 1954م عن طريق قارب "ساعية شراعية "استمرت أربعة أشهر حتى وصل أولًا إلى دبي، ثم إلى دولة قطر عن طريق البر. أرسل أخي للوالد قليلًا من المال لتسديد الدين الذي تكبد تكاليف السفر، والباقي استخدمه والدي لبناء دكان داخل البيت برأسمال لا يتجاوز ألف شلن تقريبًا.
كنت أعمل مع والدي في الأرض والدكان، وسافرت معه إلى أبين ثم عدن لأول مرة عندما كان عمري 10-11 سنة، وأول ما وصلت مدينة الحصن شربت كوكا كولا لأول مرة، وكانت أكبر مفاجأة لي.
بعد ذلك أرسل أخي للوالد طلبًا لبناء بيت لنا نظراً لوجود غرفتين فقط في البناء القديم، وتم بناء طابق جديد حسب النظام المعماري اليافعي. وتزوج أخي في بداية عام 1963م تقريبًا، وتعرفت عليه بعد أن كنت أعرفه فقط من خلال الصور التي يرسلها.
حاول أخي، الذي كان متفتحًا للتعليم، إقناع الوالدين – رحمهما الله – بأن يرتب لي للدراسة في أبين عند المرحوم الشيخ محمد بدر بن عبد الهادي – رحمه الله –، لكن والديّ رفضا العرض بشدة لأنني كنت الوحيد معهم لأساعدهم، وكان ذلك مفاجئًا لهم.
سافرت إلى عدن مع المرحوم علي عبد الله الحداد – رحمه الله – والمرحوم عبدالله الصامتي -رحمه الله -واستمرت العملية بالتدريج حتى وصلت إلى السفر وحدي، وعندما بلغت 17 سنة أصروا علي أن أتزوج، وتم زواجي في أواخر عام 1966م.
الأوضاع السياسية والعسكرية في سرار قبل الاستقلال
عام 1967م كان عام الذروة في الصراع على مستوى الجنوب، بعد تطور الثورة الجنوبية المسلحة 14 أكتوبر ضد الاستعمار. في سرار، ظهر الوضع بأشكال وقوى متعددة: الأحرار، جبهة التحرير، التنظيم الشعبي، أكثرها ضد قائم سرار، وهو زيد بن علي العطوي – مندوب حكومة الاتحاد وبريطانيا – والسلطان محمد عيدروس، وما يسمى الثوار والأحرار التابعين له.
الجبهة القومية كانت موجودة بشكل سري، وكان بعض الشباب يبحث عنها سرًا في ظل سيطرة الأحزاب الأخرى على المنطقة. أسست مع حوالي عشرة شباب حلقة سرية في بيت المرحوم ابن العم بدر ناصر أحمد، وشارك فيها المرحوم فضل عبادي راجح، علوي صالح راجح، المرحوم صالح منصور، المرحوم صالح شيخ حسين، وآخرون.
استمر الوضع حتى إعلان الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م بعد الاعتراف بالجبهة القومية، وبدأ الهدوء تدريجيًا مع متابعة أخبار إذاعة عدن وأنشودة "كل الشعب جبهة قومية".
وصل وفد الجبهة القومية والجيش الجنوبي بقيادة عبد الرحمن البشع، ومحمد علي النمر، وكان في استقبالهم جموع كبيرة من كل أنحاء سرار، في مدرسة المقيصرة، ومن ضمن المستقبلين ناجي خضر – رحمه الله – ومحمد علي حيدره السعيدي. وكان يومًا ثوريًا منقطع النظير، وتأييدًا وترحابًا شعبيًا كبيرًا.
وأصبح سرار أسفل حوج بيت السلطنة المقر الرئيسي في يافع قبل القاره رصد.
انتهت الحلقة الأولى









