آخر تحديث :الأحد-28 سبتمبر 2025-11:55م
أخبار وتقارير


فتحي بن لزرق بين عبث القانون وامتحان الدولة

فتحي بن لزرق بين عبث القانون وامتحان الدولة
الأحد - 28 سبتمبر 2025 - 10:27 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

كتب / نايف زين ناصر:

اعتقال الصحفي فتحي بن لزرق وإغلاق صحيفة عدن الغد لم يكن حادثة عابرة، بل كان جرس إنذار مدوياً في وجه الدولة وهيبتها. فبدل أن نرى القانون حاضرًا بوقاره وأوراقه وأختامه، شاهدنا مشهداً مرتبكاً لعساكر متواجدين في مقر صحيفة عدن الغد لإغلاقها واعتقال رئيس تحريرها.


القانون يا سادة ليس جنديًا يداهم، ولا رتلاً من العربات أمام صحيفة. القانون إشعار يُكتب، وإنذار يُسلَّم، وأمر حضور يُوقَّع. بهذه الخطوات تبنى الدولة، وبهذا فقط تحترم المؤسسات نفسها. أما ما حدث فكان نكتة سمجة أساءت للأمن أكثر مما مست الصحافة. صورة الجنود المرتبكين وهم يقتحمون صحيفة لم تفرض هيبة، بل فجرت موجة من السخرية جعلت الداخل والخارج يتساءلون: هل هذا هو تطبيق القانون؟


قد نختلف مع فتحي بن لزرق في بعض مواقفه السياسية والوطنية، وربما ننتقده أحياناً بشدة، لكننا نتفق معه في قضايا تمس وجع الشارع وهموم الناس. وهذا التباين لا يبرر أبداً اعتقاله أو إغلاق منبره؛ فمن يقمعه اليوم قد يقمع أي صحفي غداً.


وسط هذا العبث جاء صوت الأخ الأستاذ أحمد لملس، محافظ عدن ووزير الدولة، بتوجيهاته الحكيمة للإفراج عن فتحي بن لزرق. خطوة شجاعة أعادت بعض التوازن للمشهد، وأكدت أن العدل أكبر من المزاج، وأن القانون أرفع من عبث التنفيذيين. ونتمنى أن تتجه الحملات الأمنية والعسكرية للقبض على القتلة الهاربين وملاحقة الخارجين عن النظام والقانون، لا لاستعراض القوة أمام مقرات الصحافة.


من أصدر الأوامر بتحويل قضية صحفية إلى عرض عسكري يجب أن يُسأل ويُحاسَب. الأمن ليس لعبة بيد من يجهلون أصوله، وما حدث مع عدن الغد لن يُمحى بسهولة من ذاكرة الناس.


لكن يجب أن يكون درساً: لا أحد يكسب من إسكات الكلمة، فالكل يخسر. الصحفي قلم، والقلم لا يُقاد بالعسكر. الصحافة صوت الناس، ومن يحاول إسكاتها إنما يضع يده على فم الوطن كله.


ولهذا نقولها بوضوح: نرفض ما حدث مع فتحي بن لزرق جملة وتفصيلاً، لأنه لم يكن مجرد خطأ إداري، بل إهانة لمعنى الدولة ولقدسية الكلمة الحرة.