بسم الله الرحمن الرحيم
بقلوب يعتصرها الألم، ونفوس يملؤها الحزن، تلقينا نبأ وفاة المناضل الأكتوبري البارز والقائد العسكري الكبير في الجيش الجنوبي سابقاً، اللواء الركن صالح عبد الله الصري، الذي غيّبه الموت بعد صراع طويل ومرير مع المرض، وبعد حياةٍ ناصعة البياض، مشبعة بالنضال والعطاء والتضحية والإخلاص للوطن.
لقد كان الفقيد من الرعيل الأول الذين آمنوا بثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وحملوا مشاعلها منذ فجرها الأول، فكان في طليعة الرجال الذين أسسوا لبنات القوات المسلحة لدولة الجنوب سابقاً، وارتبط اسمه بالدفاع عن الوطن وكرامته في مختلف مراحل الصراع الوطني. عاش حياة متجردة من الأطماع، زاهداً في المناصب والمكاسب، نزيهاً في مسيرته، عفيف اليد واللسان، فلم يخلف وراءه مالاً ولا ثروة، بل ترك إرثاً نضالياً عميقاً وذكراً طيباً يظل خالداً في ذاكرة الوطن والأجيال.
وفي حرب صيف 1994، كان اللواء صالح الصري في صدارة المدافعين عن الجنوب، فخاض المعركة بكل شرف وإقدام، وجُرح في ميدان القتال، فيما ارتقى إلى جواره مرافقه الشهيد عبادي نصر حسن. وبعد الحرب أقصي مع رفاقه من قادة الجيش الجنوبي، ليدخل مرحلة صعبة من حياته، ظل خلالها صامداً ثابت الموقف، لا يطرق باب مسؤول ولا يمد يده لأحد، محتفظاً بعزة نفسه وإيمانه بقضيته.
وفي سنواته الأخيرة، أنهكه المرض وأبعده عن المشهد، لكن لم يزد ذلك إلا من مكانته وهيبته في قلوب من عرفوه، حتى أسلم الروح إلى بارئها مساء أمس، طاوياً مسيرة نضالٍ طويلة امتدت لأكثر من نصف قرن، حافلة بالتضحيات والمواقف الوطنية الشامخة.
إننا برحيله لا نفقد رجلاً عادياً، بل نفقد رمزاً من رموز الثورة الأكتوبرية، وأحد أبرز أعمدة المؤسسة العسكرية الجنوبية، وعلماً من أعلام الوطنية الصادقة التي نذرت العمر كله من أجل الكرامة والسيادة.
وبهذا المصاب الجلل نتقدم بأصدق التعازي وأحر المواساة إلى أولاد الفقيد وإخوانه وكافة أفراد أسرته الكريمة في يافع وعدن وأبين وعموم الوطن وخارجه، سائلاً الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ويلهم الجميع الصبر والسلوان.
سيظل الفقيد الراحل علَماً مخلداً في ذاكرة الأجيال، وملهماً لكل الأحرار والمناضلين، بما تركه من مآثر نضالية ومواقف وطنية نادرة ستبقى شاهدة على وفائه لوطنه حتى آخر لحظة من حياته.
رحم الله اللواء الركن صالح عبد الله الصري رحمة الأبرار، وجزاه عن وطنه وشعبه خير الجزاء.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الأسيف:محمد أحمد الشقي -نائب الأمين لشؤون المحافظات
