آخر تحديث :الأربعاء-10 سبتمبر 2025-10:20م
أخبار وتقارير


يوم العلم الجنوبي 10 سبتمبر.. واستحضار زمن التعليم الذهبي

يوم العلم الجنوبي 10 سبتمبر.. واستحضار زمن التعليم الذهبي
الأربعاء - 10 سبتمبر 2025 - 06:37 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

بقلم/ فهد حنش أبو ماجد

اأولت الدولة الجنوبية التعليم مكانة استثنائية منذ بزوغ فجر الاستقلال الوطني عام 1967م وحتى الوحدة المشؤومة في عام 1990م، فجعلت منه ركيزة أساسية لبناء الإنسان وإرساء نهضة المجتمع، فاعتمدت مجانية وإلزامية التعليم في جميع مراحله «الأساسي، الثانوي، والجامعي»، وكرست جهودها على محو الأمية حتى استطاعت بشهادة منظمة اليونسكو أن تقلص نسبتها إلى ما دون 2% منتصف ثمانينيات القرن الماضي، واحتلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأولى على مستوى دول الجزيرة العربية في جودة التعليم عام 1985م.


هذه المنجزات لم تكن وليدة الصدفة بل ثمرة سياسات تعليمية مدروسة، كرّمت المعلم ومنحته مكانة اجتماعية مرموقة، فوفرت له الدولة راتب يكفل له حياة مستقرة، وسنت قوانين صارمة تحمي حقوقه المادية والمعنوية للدلالة على قدسية مهنته وتجعل منه محور العملية التعليمية وعماد النهضة التربوية.


كما أولت الدولة عناية بالغة بتأهيل المعلمين عبر معاهد متخصصة ودورات تدريبية منتظمة، وحرصت على إشراك المجتمع في بناء المدارس خصوصاً في القرى والمناطق النائية لتنشأ ثقافة مجتمعية ترى في التعليم مشروعاً جماعياً ومسؤولية وطنية.


ولم تغفل الدولة جانب الخدمات الطلابية، فأنشأت الأقسام الداخلية، ووفرت المواصلات للطلاب والمعلمين لنقلهم إلى مدارسهم بكل يسر، وأقامت مدارس للبدو الرحل، وأرسلت البعثات والمنح الدراسية إلى الخارج دون أي وساطات، فصار كل بيت جنوبي يرى في العلم أفقاً للنهضة ووسيلة للخلاص من مخلفات الماضي «الفقر والجهل والمرض».


ولتعزيز نهج الدولة الجنوبية وسياستها التعليمية وخلق روح الإبداع والتنافس من خلال المحفزات المادية والمعنوية اعتمدت الدولة يوم العاشر من سبتمبر "يوماً للعلم" مناسبة وطنية للاحتفاء بالعلم يتم فيها تكريم المتفوقين والمبدعين من الطلاب والمعلمين والإداريين على المستويين المركزي والمحلي في مشهد يعزز روح التنافس الشريف، ويذكي شعلة الإبداع، ويجعل من التعليم قيمة راسخة لا مجرد مرحلة عابرة.


لقد تحولت تجربة التعليم في الجنوب إلى نموذج يُحتذى به عربياً إذ استطاعت الدولة رغم شح الإمكانيات وصعوبة الظروف أن تحقق إنجازات نوعية في بناء الإنسان حتى كادت البطالة أن تختفي بفضل الاهتمام بالتعليم بكافة مجالاته منها التعليم التقني والمهني وربطه بحاجات سوق العمل، ولهذا بقيت تلك المرحلة الذهبية محفورة في ذاكرة الأجيال كأجمل ما عرفه الجنوب من نهضة علمية وتربوية.


غير أن هذه المكاسب لم تسلم من الأستهداف والتدمير بعد عام 1990م حيث جرى استهداف منظومة التعليم الجنوبي بشكل ممنهج، فأُضعفت الدافعية للتعليم، وهمّش المعلم، وغابت السياسات الراعية للعقل والإنسان، لتعود البلاد إلى دوامة الجهل والتخلف على حساب قيم التنوير والثقافة المدنية الحديثة.


وهكذا يبقى يوم العلم الجنوبي محطة لاستعادة أمجاد الماضي، وفرصة لاستلهام الدروس لبناء حاضرٍ يليق بتاريخ الشعب الجنوبي، الذين صاغوا بالعلم نهضة وطن وكرامة أمة.