آخر تحديث :الأربعاء-10 سبتمبر 2025-02:04ص
أخبار وتقارير


استهتار البنوك المصرفية وتواطؤ الحكومة: مشهد العبث الذي لا يُحتمل

استهتار البنوك المصرفية وتواطؤ الحكومة: مشهد العبث الذي لا يُحتمل
الثلاثاء - 09 سبتمبر 2025 - 07:36 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

كتب-عبدالرقيب السنيدي

الحقيقة أن ما نشهده من تلاعب ومضاربات، ولا سيما من قبل البنوك والمصارف، يعد مؤسفًا للغاية. فهذه البنوك أعادت إحياء سيناريو تراجع العملة المحلية، بل وتمادت في نهب أموال الشعب بطرق غير مشروعة. وقد تطرقت إلى هذه المسألة منذ أسبوعين في مقال موجه إلى البنك المركزي والحكومة، داعيًا إياهما إلى تحمل المسؤولية الكاملة باتخاذ عقوبات صارمة تشمل جميع المصارف التي شاركت في هذا التلاعب علنًا، على مسمع الجهات العليا ومرأها، دون أن تتحرك ساكنًا.


ومع كل هذا، مرت عملية النهب هذه بكل سهولة ويسر، حيث تمت سرقة أموال ضخمة من جيوب المساكين في وضح النهار. لكن الأكثر إحراجًا وخجلًا أن الحكومة والبنك المركزي لم يتخذا أيّة عقوبات بحق أولئك المتلاعبين حتى اليوم، ولم نلاحظ أي قرار جاد يلزم تلك المصارف بتعديل سلوكها. بل ما زالت تلك العمليات التلاعبية مستمرة باستهتار صارخ بقرارات الحكومة والبنك المركزي، وما تزال تمارس إلى يومنا هذا دون رقابة أو محاسبة.


جميعنا يشهد هذا الاستهتار وذلك التلاعب السافر من قبل البنوك والمصارف المختلفة، التي لم تلتزم بالسعر الذي حدده البنك المركزي بواقع 425 للريال، بل تعمد إلى مصادرة أموال المواطنين بأسعار غير قانونية، لا تعكس القيمة الحقيقية للعملة، فلم نجد اي مصرف ملتزم بقيمة الريال كما حدد بتعليمات البنك وقرارات الحكومة. وهذا نموذج صارخ للتلاعب والنهب الممنهج من قبل مالكي تلك البنوك، بحجة عدم استقرار صرف العملة المحلية.


وهذا ما نعانيه اليوم: مشكلة حقيقية تستوجب من البنك المركزي والحكومة اتخاذ قرارات حازمة وصارمة، تلزم المتلاعبين بالسعر المحدد، وتعاقب كل من يخالف التعليمات بحزم وبلا هوادة. فإن أردنا إصلاح الوضع الاقتصادي، فلابد من المحاسبة والرقابة الفعالة.


ومن منطلق حرصنا فاننا نحمل الجهات العليا المسؤولية الكاملة عن صمتها وتقاعسها أمام هذه المهزلة التي تعيدنا إلى المربع الأول. إن كنا جادين في إصلاح الاقتصاد، وتصحيح ما أفسدته الحكومات المتعاقبة من تجويع ونهب لأموال الشعب، وإنقاذ المواطن من الحافة التي وصل إليها بين الفقر والمجاعة، فإن عليها اتخاذ قرارات رادعة، تلزم الحكومة والبنك المركزي بتطبيقها بصورة فورية، لضبط كافة المتلاعبين، بما فيهم مصرفي العملة، وتجار السوق السوداء، وتجار المواد الغذائية.


فهل كانت هذه القرارات مجرد حبر على ورق؟ أم أننا أمام سياسات غير كافية الموارد والإرادة؟ الواقع المؤلم يشير إلى أن ما تم تطبيقه لم يصل بعد إلى مستوى التحدي، ولم يحقق النتائج المرجوة في كبح جماح المتلاعبين بحقوق الناس ومعيشتهم، فإما أن تكون القرارات جادة وحاسمة، وإما أن نعترف بأننا لم نتعلم بعد من دروس الماضي، وأننا نسير في نفس الدروب المظلمة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم.