كتب/ الاستاذ عوض المجعلي:
نتفق أو نختلف على أن للمعلمين حقوقًا يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار، كما يجب أن ندرك أن بعض المطالب تمثل مشكلات عميقة لا يمكن أن تُحل في يوم وليلة. فليست لدى حكومتنا الموقرة ولا لدى وزارة التربية والتعليم الإمكانات الكافية لمعالجتها دفعة واحدة، لأنها فوق طاقة الجميع وتحتاج إلى خطة مزمنة ومدروسة.
أيها المعلّمون، دعونا نتفق أننا موظفون لدى الدولة، ومنتسبون لمؤسسة من أهم مؤسساتها، وهي المؤسسة التي يُفترض أن تكون الأولى من حيث الأهمية؛ لأنها تتحمل مسؤولية بناء الإنسان الصالح المصلح، وإمداد المجتمع بالكوادر العلمية والأدبية. ولا يمكن لمعلم مثقل بالهموم أو محبط أن يبني النفوس أو ينمّي العقول.
لقد مرت بلادنا منذ عشر سنوات بظروف الحرب، فكانت الأولوية الأولى للحرب، وكان التعليم من أبرز ضحاياها، حيث سارت البلاد نحو الجهل والتجهيل. والجميع – بلا شك – يقف مع المطالب العادلة والحقوق المسلوبة، لكن في المقابل هناك واجبات يجب أن تُؤدى، وهناك حق أبنائنا في التعليم لا ينبغي أن يُهمل.
إن العام الدراسي مشروع متجدد كل عام، يقوم على خطة سنوية أشبه بخط إنتاج: مواد خام تُصنع، لتُخرج في النهاية منتجًا متقنًا، هو الطالب المتعلم الذي أتم مرحلته الدراسية بنجاح. وأي خلل في هذه الخطة التنفيذية ينعكس سلبًا على المدخلات المعرفية والسلوكية، وبالتالي على المخرجات النهائية.
الوصول إلى نتائج مرضية بين المعلمين والجهات المعنية بشأن حقوقهم لا يتحقق عبر التراشقات الإعلامية أو المقارنات غير المنصفة، بل من خلال تحمل الجميع لمسؤولياتهم الوطنية والإنسانية، وبالحوار الجاد والبنّاء. ومن هنا نقترح ما يلي:
1. تحديد المطالب بدقة ومعرفة ما هو قابل للتحقق وما هو غير قابل، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة ونهج الحكومة في تحجيم الفساد، وهو نهج يجب أن يدعمه الجميع.
2. قيام نقابة المعلمين بمقابلة وزير التربية والتعليم لمناقشة المطالب، وقيام الوزارة بدورها في رفع هذه المطالب للحكومة والجهات المعنية بالقرار، وصولًا إلى حلول مرضية.
3. إصدار بيان رسمي من النقابة يوضح فيه للمعلمين والإدارات المدرسية الإجراءات المتبعة، مع توجيههم إلى بدء العام الدراسي بالتسجيل والحضور في الموعد المحدد.
4. في حال عدم الاستجابة للمطالب بصورة مرضية، يستمر المعلمون في العملية التعليمية مع اتباع إضراب جزئي، حتى لا يُحرم أبناؤنا الطلاب من حقهم في التعليم.
ولا بد أن يستشعر المعلمون أن: «ما لا يُدرك كله، لا يُترك جُلّه»، في عملية التفاوض مع الحكومة والجهات المعنية. وكما أن للمعلمين حقوقًا، فإن عليهم أيضًا واجبات تجاه أبنائهم الطلاب، وتجاه الأجيال، وتجاه الوطن.
دام المعلّم مرفوع الرأس، شامخ الجبين،
ودمتم – أيها المعلمون – حملة الوعي وحَمَلة النور في دهاليز الظلام.