بقلم:ناصرالاحمدي
في كل مرة يشهد فيها سعر الصرف تقلباً، يخرج علينا أولئك الذين لا يعجبهم العجب، ولا يرضيهم أي إصلاح أو معالجة، فتارةً يرفعون أصواتهم بالشكوى حينما يرتفع الصرف، مدّعين الحرص على المواطن ومعيشته، وتارةً أخرى يطلقون ذات الصرخات حينما ينخفض، بحجة "الرحمة بالتجار".
لقد رأيناهم عند اشتداد الأزمات الاقتصادية، يوم استغلت بعض القوى ظروف الحرب لتطعن المحافظات المحررة في ظهرها باسم "الشراكة الوطنية" بينما كانت تخطط لمآرب أخرى، فارتفع الصرف بشكل جنوني، وهنا سمعنا تلك الأصوات تتباكى وتزايد باسم الشعب. لكن حينما تم كشف تلك المخططات ووقفها، وبدأت سلسلة من الإصلاحات التدريجية التي انعكست على استقرار الصرف وتراجعه، لم نشهد منهم دعماً أو إشادة، بل العكس تماماً، خرجوا مجدداً بصوتٍ أشد، بحجة الخوف على التجار هذه المرة!
إنها الازدواجية بعينها، والذهنية التي لا ترى إلا مصالحها الخاصة، ولا تنظر إلى معاناة المواطن إلا كوسيلة للمزايدة السياسية والإعلامية. فضمائر هؤلاء تحولت إلى شلالات متذبذبة، تتجه أمواجها حيثما اتجهت الرياح، دون موقف وطني صادق أو رؤية واضحة تخدم الناس.
اليوم بات واضحاً أن المواقف المذبذبة ليست سوى غطاء لمصالح شخصية ضيقة، وأن من يبدلون خطابهم بحسب حركة السوق لا يبحثون عن استقرار اقتصادي ولا معيشة كريمة للمواطن، بل عن مكاسبهم هم أولاً وأخيراً.
إن الإصلاحات الحقيقية لا تُقاس بصخب هذه الأصوات، بل بمدى انعكاسها على حياة الناس واستقرار السوق. لذلك، فإن أنين المذبذبين يجب ألا يثنينا عن المضي في خطوات الإصلاح، لأن الوطن بحاجة إلى رجال مواقف ثابتة، لا إلى موجات تتلاعب بها الرياح.