آخر تحديث :الثلاثاء-20 مايو 2025-07:35ص
وثائقيات


يوميات طالب "ليلة رعب تعيشها جعار لأول مرة"

يوميات طالب "ليلة رعب تعيشها جعار لأول مرة"
الأربعاء - 14 مايو 2025 - 01:21 ص بتوقيت عدن
- أبين تايم/ وثائقيات

مذكرات تاريخية توثيقية يكتبها عبدالقادر حسين صالح الناخبي


الجزء الثالث

مدرسة جعار الحكومية الابتدائية

1966 --1967م

بعد الغداء خرجت مع مجموعة من أصدقائي لإحضار غرس شجرة المريمر ، لغرسها أمام المنزل من اجل الظل والزينة .

اتجهنا إلى جوار جبل خنفر للبحث عنها ومررنا ببستان النخل غربي الجبل ولم نجدها فيه ، ثم انتقلنا إلى بستان النخل شمال الجبل وهو أكبر مساحة وتتباعد النخل فيه عن بعضها البعض ، وقد جلبت لجنة أبين النخل من حضرموت بالتعاون مع السلطنة اليافعية لتجربة زراعته بابين ووزعت فسائل النخل على المزارعين ولم تكن النتائج جيدة بسبب إرتفاع الرطوبة بدلتا أبين .

وجدنا طلبنا من الغرس وخرجنا من البستان ، وبطريق عودتنا وجدنا عبده العدني مدرب ملاكمة والبطل فضل سلمان متجهين الى صبة تجفيف بذور اللوز وهي واسعة ومستوية لسهولة التمرين عليها وموقعها عند رون طريق طلوع الجبل ، وأيضاً تدرب في نفس الموقع أبطال كمال الأجسام مع المدرب البطل حسين ابراهيم لاحقاً ، ويوجد شرق صبة اللوز حضائر ومرابط الخيل ومستودعات طرابيل العطب وبذوره .

في العصر كنا نلعب الكرة بالحارة وفيها فراغ كافي للتدريب ، وكنا نخوض المباريات مع الفرق الأخرى شرق بيت السلطان محمود عيدروس ويلعب معنا أخوه فيصل ومرة ضاعت عليه الساعة ووجدتها ثم ارجعتها إليه .

و في ملعب المدرسة المتوسطة يتمرن نادي خنفر ومعه اثنين لاعبين انجليز ، ونادي المعارف يلعب معه المدرسين السودانيين حماد وفريجون ، وقد قام عبدالله الصبيحي بتسوية الميدان حيث عمل صبة كبيرة على شكل برميل فيها ماصورة بالنصف كانت تسحبها الحراثة لتعديل وكبس الميدان ، كانت من أهم مباريات خنفر بعد دمجه مع المعارف ، الاولى : ضد سلاح الطيران البريطاني عام 1966م وأنتصر فيها خنفر ، والثانية ضد النادي الأهلي زنجبار على كأس موبيل قدمه وكيل موبيل صالح عمر مشرف التعليم وأخيه محمد عمر غالب وكان الكأس من نصيب خنفر وهو أكبر كأس موجود بالنادي .

بعد المغرب كنا نتجه إلى نادي خنفر الواقع أمام الركن الشمالي الشرقي لميدان مدرستنا ، أو نتجه الى مكتب النشر التابع لسلطنة يافع الساحل والواقع أمام ملاعب البلدية تحت بيت الأستاذ حمود عبدالرحمن حافة باظروس لمشاهدة التلفاز ، كانت زحمة لكل الأعمار ومضرابة على موقع الجلوس وغطيت عليا ، لا ما غطيت عليك وهات يا بوكس .

كنا نشاهد ماما عديله تقدم برنامج أطفال ، ونشاهد مسلسلات الهارب ولا اريدو وأغاني مصرية وسهرات غنائية محلية ومباريات مسجلة للدوري الإنجليزي ، وكنا نعاني من محاصرة الأهل لنا خوفاً علينا من المجرمين حد قولهم .

وفي ليلة ما عام 1967م وبينما كنا على السطح نتجهز للنوم ، سمعنا إطلاق نار كثيف من رشاشات جهة السكرتارية ( إدارة السلطنة ) والمحكمة التي تقع شرق السكرتارية وسجن البحرين وشرطة جعار ، ثم اشتعلت النيران من خزانات الوقود التي كانت بحوش سجن البحرين التابعة لمغسلة محمد قاسم وارتفعت السنتها بالسماء عالياً حتى حاذت خزان الماء الحديد المرتفع المجاور لها والواقع داخل نفس درب السجن ، كان جدى يهلهل ويقول احترقت محطة البنزين التابعة للاخوين غالب التى تقع أمام السجن غربا ، لكن الحريق كان متعمد من الثوار لبراميل محروقات وليس محطة البنزين ، كانت ليلة رعب اول مرة جعار تعيشها . وبجوارنا كانت الكشافة تنور من بيت عبدالقادر العفيفي نائب السلطان الى الشوارع المجاورة لبيته بحثاً عن أي شخص مهاجم . وقد سد النائب مداخل الجلالي المجاورة له ببردين لدواعي أمنية .

في صباح اليوم الثاني يوم جمعة استيقظت مبكرا وخرجت الشارع مع بزوغ النور ، فطلبت مني جارتنا اشتري لها قصب من سوق الجلب .

تحركت إلى سوق الجلب ماراَ بجوار بيت الشعملي باليسار وخيل عبدالله أبوبكر القحيم مربوط باليمين رأس حارة محمد عوض النجار ، واصلت السير حتى أصبحت السكرتارية أمامي والحديقة على يميني وبها نافورة بالوسط على شكل أسد من خرسانة يخرج الماء من فمه ، تجاوزت المحكمة إلى المقبرة موقع بيت الحاج سليم الآن حيث وجدت هناك خمس طلقات رصاص آلي ملقاة على الأرض ثم أخذتها .

اشتريت قصب ثلاث حزم خضراء بشلن وبالجوار من اكوام القصب جواني الحشيش واسعارها من نصف شلن الى اثنين شلن وكذلك شون قصب الضمير .

كان سوق الجلب مزدحم رأيت الدلال جرباح والحشاش ولعرج وأغنام وابقار مختلفة ، ورأيت من المشترين صالح علوي الثريا وعائش وعلي يحي والجزار بلكم وغيرهم كثير وصوت الدلالين يصرخ ، الشبك يسحب ، الولجة الولجة ، وجاري جمل ، والعقيلي يقطع واشر البلدية بنصف شلن لكل بيعة تتم وأسعار الغنم معز وضان يبدأ من خمسة شلن إلى دينار للافضل والبقر اعلاها حوالي المائة شلن .

ثم حملت القصب من سوق الجلب واتجت به راجعا إلى الحارة .

وفي يوم الجمعة نذهب للصلاة بالجامع وهو المسجد الوحيد التي كانت تقام به خطبة وصلاة الجمعة بجعار ثم أقيمت لاحقا بمسجد السلام ، وكان الخطيب احيانا الأستاذ يحي قحطان وايضا الشيباني كان يخطب الجمعة بالجامع أحيانا ، وامام الجامع هو الحضرمي عبدالله احمد شريم قبل ظهور الحاج سليم .

في العصر كنا نلعب الفتر بالحارة وكان حسين الشبيلي افضلنا ، أو نلعب جيم الحربة عند غالب وبندق الرش تبع العم صلاح بالسوق .

أما بالاعياد والزيارات فإنها كانت تنصب الاراجيح وتؤجر الدراجات من قبل احمد لجدع و جحيش و فوري ، وتقام العاب الغمار المختلفة ، وبزيارة ابو شملة يقام سباق الخيل والفارس برسيل "لعوج سيل " ، وباحيدان يلبس متنكرا جواني ويقوم بحركات بهلوانية مضحكة .


يتبع ..