آخر تحديث :السبت-31 مايو 2025-01:17ص
وثائقيات


يوميات طالب

يوميات طالب
الإثنين - 12 مايو 2025 - 04:19 ص بتوقيت عدن
- أبين تايم/ وثائقيات

مذكرات تاريخية توثيقية يكتبها عبدالقادر حسين صالح الناخبين


الجزء الأول

عام 1966م الرميلة الغربية 1966 م ألسكن بالرميلة الغربية بيت فلاحي ، عبارة عن دائر من عيدان الاثل يحتوي بداخله على غرف من اللبن ومهند من القش وعشة ودورة مياة متواضعة بجانبه ، وشجرة مريمر للظل بالوسط ، وزرائب للاغنام نضع على سقفها الفلك ومدج دجاج بجانب آخر منه ، وشونة قصب ، أما البقرة والحمار والركوبة مرابطها خارج الدائر .

نهضت باكراً مع بزوغ أشعة الفجر ، واغتسلت وبدأت بارتداء الزي المدرسي ، شميز أبيض يد قصير وسروال كاكي شورت وجزمة بيضاء مضروبة باليس وشراب أبيض ، بينما الوالدة تقوم بإعداد الشاى وفطور خفيف ، وقرص خبز ملوح تلفه بورق لفافة من جريدة انجليزي قديمة مخصوصة للغلاف كي آخذه معي للقراع في المدرسة ، ثم تشد الحمار بالبرذعة وتضع عليها الخرج ، بعد الإفطار أٓحمل حقيبتي المدرسية وانا أفكر بنشاط ذلك اليوم الاعتيادي اليومي نبدأه بالتفتيش على النظافة .

خرجت من البيت وركبت الحمار وامي تساعدني وتطلب مني إحضار الصيد للغداء ونواقص الخضرة من جعار وتعطيني فلوس لذلك اضافة إلى مصروفي المدرسي وهي الباولة .

اكتملت شلتنا نحن طلاب المدرسة الراكبين على الحمير ، وشلتنا هم محمد فضل زيد وأولاد العامري وآمين سالم وأولاد صويلح ورشاد وسالم ناصر وغيرهم .

كان ضوء الصباح قبل بزوغ أشعة الشمس والنسيم عليل والحقول بعضها زارعة قصب وبعضها حبحب وشمام ، والأخرى فيها أشجار عطب مخلوعة يابسة تحترق ، وحقول أخرى يجري خلعها وماء السيل لم يصل بعد إلى الرميلة ، لأننا في بداية موسم الصيف .

واصلنا سيرنا بين الصداع على الأسوام والكلاب كانت تتبعنا حتى الطريق الرئيسي الحصن جعار ، كنا نعاني من وعورة الطريق أيام تدفق السيول وري الحقول مما يدفعنا لتغيير الطريق التي نسلكها يومياً .

خرجنا من الطريق الفرعي واستوينا على الطريق العام الحصن جعار ، وكان ترابي لم يسفلت بعد ، والتحق بنا مرتادين المستشفى والمتسوقين وعمال لجنة ابين بجعار وجواري القصب والخضرة ، وطلاب ساكن طبيق وعيال المخدومي علي مرشد ومحمد مرشد ، واتجهنا جنوبا ، وكنا نقابل سيارات الكري والكرادم وسيارات الاجرة والحراثات بطريقنا كنا نشوف الغبار يتصاعد من السيارات عن بعد قبل وصولها الينا ، وكنا نقابل عكس سيرنا كثيراً من المفلكات والحواطب والفلاحين .

واصلنا سيرنا متجاوزين بحر النيل بمحاذاة العبر على يسارنا وكان ونش اللجنة ينظف مجرى السيل ( العبر ) من النيس والمخلفات الأخرى من النباتات ، وعليه السائق عبدالواسع وسيارة الري متوقفة بجواره .

التحق بنا الطلاب ، محسن حمود وأولاد مربوش محمد وعبدالله ونحن نقترب من جعار وأول بيت على يسارنا هو بيت بن جميلة ويليه على مسافة بيت محسن علوي ، وبعد مائة متر يقع مبنى البارهوص وبجواره مسبح ماء لتبريد البارهوص .

واصل موكب الحمير والطلاب سيره حتى وصل جسر جعار ثم اندفعنا بجوار فندق الذهب الأبيض والشارع مزدحم وقت مسراح الطلاب والطالبات والعمال ، ثم بدأ سباق الحمير وكثير من طلاب جعار بالشارع انطلقوا وراء الحمير معاردة ، ووسط الزحمة ترتفع أصوات بكاء بنات المدارس الصغار خوفا من الحمير ونهيقها ويتدخل المارة لإنقاذهن من دوس حوافر الحمير وتهدئة الحمير وتجنيبها من طريق أطفال المدارس حتى وصل الموكب الجمروك ثم نزل الطلاب من فوقها وتم ربطها تحت شجرة الديمن والمريمرة غرب حديقة المدرسة الحكومية على خط جعار زنجبار .

ربطنا الحمير ونقضنا البراذع ووضعناها معلقة بالشجرة وانطلقنا حاملين الشنط بأيدينا حيث لم يكن يومها شنط الظهر موجودة ، ومررنا بجوار الاسلاك الشائكة التي تحيط بحديقة المدرسة ، كذلك أيضاً اقامت شرطة سلطنة يافع الساحل أسلاك شائكة حول طريق جعار زنجبار من الجمرك إلى قريب المحراق لدواعي أمنية وعدم تسلل الثوار .

وصلنا إلى المدرسة الحكومية ( وسميت فيما بعد الجنوبية لانها فتحت مدرسة شمال جعار وتغير اسمها لاحقا الى مدرسة الشهيد عثمان العريقي الذي كان طالب فيها ) ووضع كلاَ منا شنطته بالدرج الخاص به ثم خرجنا منتشرين بين الطلاب حول المدرسة والميدان والحديقة ومننا من اتجه إلى الباعة المتجولين رغم تحذير إدارة المدرسة بعدم الشراء منهم حفاظا على الصحة .

وفي السابعة تماما ، خرج ناصر القسمة وبيده الجرس وأخذ يقرعه بكل الاتجاهات حتى أن أحد التلاميذ مر من تحت يده وقرعه الجرس برأسه خطأ و سالت دماه .

استكمل الطلاب الطابور الصباحي بالميدان بمحاذاة المدرسة شرقا ، وبدأ الأستاذ الرياضي سالم عوض بعمل التمرينات السويدية المعتادة بطريقة مضحكة ومحببة لطلاب كان يقول فاصوليه دور يعني اتجاه اليمين جهة السوق .

في ذاك اليوم خرج مدير المدرسة الجابري وقدم نصائحه ثم أخرج سعيد بادويلان للمعاقبه امام الطابور قيل انه يحاول شرب الدخان .

بعد الطابور الصباحي في أيام الخميس فقط نتجه إلى الحديقة غرب المدرسة لحضور الجمعية الادبية ، و فيها برامج متنوعة منها تنافس قدح فكر ونشرة أخبار فكاهية ، كاذاعة الويكا من الدجاج ونكت اشتهر بها عبدالله المنصوري وعلي عمر النوبي وغيرهم وتم تكريم ناصر عبدالقوي الجنير لأنه أكثر طالب يدفع فلوس لتوفير الأسبوعي ( كان يأتي مكتب البريد يوم الخميس بكل أسبوع ومعه كروت توفير باسم كل طالب وتوزع الكروت علينا نراجع حسابنا وندفع مبلغ جديد حسب استطاعة كل طالب ، كنا نتنافس باكبر مبلغ نقدر نجمعه خلال الاسبوع لتوفيره لدى مكتب البريد ، وقد جمعت بالسنة ألاولى 43 شلن والسنة ثانية أكثر منها وقد تبرعنا بها بعد الاستقلال لحكومة الثورة دون علمنا كما قيل لنا من إدارة المدرسة ، لأن البريد كان يعيدها لكل متخرج من السنة الرابعة ) .

يتبع