إن قصف السعودية لميناء المكلا يعكس مواجهة مكشوفة مع قضية الجنوب، وهو – رغم خطورته – أفضل من محاربتها تحت الطاولة والادعاء بالحرص عليها. فهذا القصف يضع المملكة مباشرة على الطاولة الدولية، شاء من شاء وأبى من أبى.
ومن جانب آخر، فإن هذا القصف سيُغيّر موازين القوى، وسيجبر السعودية على إعادة تقييم استراتيجيتها في اليمن؛ لأن الطيران وحده لا يُغيّر واقعًا ولا يفرض أمرًا قائمًا. وستظل القضية الجنوبية حاضرة في أي حل سياسي شامل، ولن تُنسى أو تُهمَّش، أو تُؤجَّل بانتظار من يقول إن الجنوبيين سيجتمعون لاحقًا، بل سيكون ممثلها الحقيقي هو صاحب الشوكة والقوة والامتداد.
كما قد تواجه السعودية ضغوطًا دولية متزايدة لتغيير نهجها في التعامل مع القضية الجنوبية، إذ يؤكد هذا القصف أن التحالف لم يعد قائمًا فعليًا، وإن كان موجودًا شكليًا، فقد فقد بوصلته؛ فباتت دولة تقصف سفن دولة أخرى يفترض أنها حليفتها ضمن التحالف ذاته.
أما المجلس الانتقالي الجنوبي، فمن المرجّح أن يستفيد من هذه الخطوة لتعزيز موقعه التفاوضي والعسكري، خاصة في ظل كثرة متعهدي الحروب وتضارب أجنداتهم.
وفي المقابل، فإن الرهان على الغارات الجوية وحدها لن يفرض أمرًا واقعًا؛ فقد قُصف الحوثي بأكثر من ثلاثمائة ألف غارة، ومع ذلك ما زال موجودًا ومتماسكًا في جغرافيته.