آخر تحديث :الخميس-06 نوفمبر 2025-04:02ص

حادث العرقوب.. فاجعة جديدة تكشف موت الإنسانية على طرقات الوطن

الخميس - 06 نوفمبر 2025 - الساعة 01:30 ص

إيهاب المرقشي
بقلم: إيهاب المرقشي
- ارشيف الكاتب

في ظلام الفجر، وبين تضاريس الطريق الملتوية في منطقة العرقوب بمحافظة أبين، وقع ما لم يكن في الحسبان. لم يكن الحادث مجرد انقلاب باص أو اشتعال نيران في حافلة متهالكة، بل كان جرحًا مفتوحًا في قلب كل مغترب يمني، وكل أم وأب ينتظرون أبناءهم بشوق ولهفة العودة.


تحولت لحظات الفرح المنتظرة إلى مأساة تلتهمها النيران، وحلم الرجعة إلى طريق وداع أبدي.


منذ الساعة الثالثة فجرًا وحتى الحادية عشرة ظهرًا، ظلت الجثث تحت ركام الحديد المحترق، تتعرض للنيران دون أن تصل فرق الإطفاء أو سيارات الإسعاف. الناس وحدهم ما تبقى من إنسانيتهم حاولوا الإنقاذ بوسائلهم البسيطة، أما الجهات المعنية فغابت كأن الأمر لا يعنيها.


لا إسعاف، لا إطفاء، لا مسؤول يجرؤ على الحضور، وكأن أرواح المسافرين باتت رخيصة لا تساوي ثمن وقود سيارة إسعاف أو تحريك معدّة إنقاذ.


حادث العرقوب ليس الأول، لكنه صرخة متجددة في وجه الإهمال المزمن: طرقات غير مؤهلة وغياب تام لإجراءات السلامة. وفي ظل إغلاق المنافذ والمطارات، يبقى المواطن اليمني رهينة الطرق الوعرة والموت البطيء، مسافرًا مضطرًا لا مختارًا. كيف يمكن لبلد أن يستمر بينما تسفك دماء أبنائه على الطرق دون حسيب أو رقيب؟


الناس اليوم لا يسألون عن سبب الحادث، بل عن سبب تأخر النجدة، عن كيف تُترك جثث الأبرياء تحترق لساعات طويلة دون تدخل رسمي، وعن كيف تحولت أجهزة الدولة إلى نقاط جباية وجمع أموال، بينما الإنسان يذوب بين النار والإهمال.


إنها فاجعة العرقوب، لكنها في الحقيقة فاجعة وطن بأكمله. وإن لم تُفتح المنافذ وتُصلح الطرق وتُحاسب القيادات المقصّرة، فستظل أرواح المسافرين تُزهق على الطرق كل يوم، بحادث جديد، وكل مرة بدمعة أم جديدة.


يا الله، ما أصعب الوجع حين يتحول طريق الرجعة إلى طريق الوداع، أرواح بريئة ذهبت، وأمل وطن يُحترق بصمت.