تُعد إدارة مياه الري من أهم العوامل التي تحدد نجاح الموسم الزراعي أو فشله، غير أن بعض الأخطاء البسيطة التي تبدو في ظاهرها طبيعية قد تؤدي إلى خسائر كبيرة لا يعوّضها جهد ولا مال. ومن أبرز هذه الأخطاء استغلال مياه الغيول أو مياه الآبار في توقيت خاطئ.
وينبغي وضع برنامج دقيق لعمليات الري منذ بداية نمو المحصول حتى قبل مرحلة الحصاد، مع مراعاة نوعية التربة والجو وحاجة النبات.
الخطأ الذي يتكرر والموسم الذي يضيع
لا يزال بعض المزارعين يعتقدون أن زيادة مياه الري للنباتات تعني زيادة في الإنتاج، بينما الحقيقة أن النباتات في كل مراحل نموها حسّاسة للغاية، وأي زيادة في المياه قد تؤدي إلى:
تلف جزئي أو كلي للمحصول
اختناق الجذور
تراجع جودة الحبوب أو الثمار
تأخر النضج أو فساد الإنتاج تمامًا
وهنا تكون النتيجة واحدة: خسارة موسم كامل دون فائدة.
قصة من قلب الميدان
قبل فترة، هطلت أمطار غزيرة على دلتا أبين. وأثناء جولتنا في المزارع المتضررة، شاهدنا مشهدًا غريبًا:
مزارع يقوم بتشغيل المنظومة الشمسية لري أرضه التي كانت أصلًا غارقة بمياه الأمطار الغزيرة!
سألناه:
"مالك يا عم علي؟ إيش تسوّي؟
ولماذا تسقي والأرض – ما شاء الله – مشبعة بالماء من ظهر السماء؟"
فرد بكل ثقة:
"اليوم دوري في البئر، ولازم أسقي!"
تصوروا…
يُغرق مزرعته فقط لأنه جاء دوره، دون أن يسأل نفسه:
هل التربة بحاجة إلى الماء؟
هل هذا الري سيخدم المحصول أم سيدمّره؟
هذه ليست قصة عابرة، بل واقع يتكرر ويدفع ثمنه المزارعون من جيوبهم ونتاج تعبهم.
عزيزي المزارع… هذه نصيحتي لك مجانًا
اسقِ نباتاتك بقدرٍ معقول، فالنبات كائن حي يمكن أن يختنق ويموت.
لا تعتمد على الدور في البئر أكثر من اعتمادك على حاجة الأرض الحقيقية للماء.
لا تجعل الجهد المبذول طوال موسم كامل يضيع بسبب قرار خاطئ في آخر لحظة.
افحص رطوبة التربة، واجعلها هي التي تحدد قرارك… لا المزاج ولا العادة ولا كلام الناس.
أخيرًا
الري علم وفن…
والخبرة الحقيقية ليست في كثرة الماء، بل في وضع الماء في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة.
لنحافظ على محاصيلنا، ولنتعلم من أخطاء الماضي، فالأرض أمانة… ومن ضيّع الأمانة خسر الخير.
عبدالقادر السميطي
دلتا أبين