كتب/م-جميل محمد عمير
ذلك الرجل الذي سكب شبابه وقوّته في صُحف النضال، فكان بحقٍّ سِفْرًا من أسفار الثورة، ومرآةً أمينةً حفظت بعدسته وبصيرته مسيرة المشروع التحرري الجنوبي. فمنذ البواكير الأولى، وطئت قدماه درب النضال الشائك، لم يخشَ في الحق لومة لائم، لا في ساحات السلم ولا في جحيم المعارك.
لقد كان شاهداً وحاملاً للراية، فسطر بجهده أسطورةً نضاليةً نادرة: واجه جبروت "عفاش"، وخاض غمار المعارك الضارية لتحرير أبين من براثن القاعدة، ثم كان على خط المواجهة الأولى ضد غزو الحوثي الزاحف. وأرشيفه المشهود له ليس مجرد فيديوهات أو صور، بل هو ذاكرة وطن نابضة، تحكي قصة الشهداء الذين رووا بدمائاء تراب الجنوب، والجرحى الذين زينت أجسادهم ندوب الكرامة، والمعتقلين الذين صمدوا القضبان، والمقاتلين الأبطال الذين لا يزالون يصونون حرمة الأرض والعرض.
إنه الإعلامي الذي أخلص لرسالته، فكان مراسلاً لقناة "عدن لايف" و"قناة المصير"، وحالياً في "قناة عدن المستقلة"، الأستاذ عبد الرقيب السنيدي... رجل لم يبخل بقلمه ولا بعدسته ولا بدمه.
واليوم، وبعد أن أفنى زهرة شبابه في خدمة القضية، تتربص به علّةٌ قاسية في عموده الفقري، ألقت به طريح الفراش، عاجزاً عن الحركة، بينما لا تزال روحه تواقةً للعطاء. فهل نترك لمن حمل هموم الجنوب كلها أن يحمل همّ علته وحده؟!
إن الواجب الوطني والإنساني يفرض علينا أن نقف مع هذا البطل في محنته، كما وقف مع قضيتنا في محنها.
لذا، نتوجه إلى قيادتنا الجنوبية، وإلى كل ابناء الجنوب الأوفياء والمقتدرين، بالنداء الملحّ: لنُسرع في مد يد العون لهذا المناضل، ولنسخّر كل الإمكانيات لتسفيره للعلاج في الأردن أو الهند، في أسرع وقت ممكن. فهذه ليست مجرد مساعدة، بل هي دَيْنٌ نؤديه لرجلٍ أدى دَيْنَ الجهاد والوفاء لوطنه.
اللهم اشفه شفاءً لا يغادر سقماً.---