لا شك أن الاستمرار في تغذية النحل بالسكر، وخصوصًا في مواسم التزهير، يُعدُّ خطرًا على مملكة النحل بشكل عام، وهي الحقيقة التي يتجاهلها الكثيرون.
ويشهد الله أن ما أكتبه في هذا المقال ليس مجرد رأيٍ شخصي، ولا محاولة لتشويه منتجات العسل، بل هو خلاصة نقاشٍ علمي ومهني دار بيني وبين أحد النحالين المخضرمين، ممَّن يمتلكون خبرة طويلة في تربية النحل وإنتاج أنواع العسل المختلفة.
كان محور النقاش يدور حول أهمية تغذية نحل العسل، ومتى يجب أن تتم هذه العملية دون الإضرار بجودة المنتج أو صحة النحل.
لقد اتفقنا على أن تغذية النحل بالسكر يجب أن تتم فقط بعد جني وقطف العسل، أي بعد انتهاء موسم الإنتاج، لأن أي تغذية خلال الموسم تمثل خطرًا حقيقيًا على جودة العسل، إذ تؤدي إلى اختلاط الرحيق الطبيعي بمحلول السكر، فتضيع الفوارق بين العسل الطبيعي والعسل المغشوش.
فالعسل منتج طبيعي راقٍ، يحتوي على مزيجٍ غني من السكريات الطبيعية، والعناصر الغذائية، والمعادن، والإنزيمات المفيدة لصحة الإنسان. ولكن حين يُغذّى النحل بالسكر أثناء الموسم، يفقد العسل الكثير من خصائصه الحيوية ومكوناته الطبيعية، مما يؤثر سلبًا على قيمته الغذائية والطبية، ويشوّه سمعته في الأسواق.
ومن الجانب العلمي، تشير العديد من الدراسات إلى أن الاعتماد على السكر بدلًا من الرحيق الطبيعي يؤدي إلى انخفاض مستوى البروتين في جسم النحلة، وهو ما يجعلها أضعف وأكثر عرضةً للأمراض، ويقلل من نشاطها وقدرتها على جمع الرحيق وحماية الخلية.
بعبارة أخرى، فإن تغذية النحل بالسكر بشكل مفرط لا تضر فقط بجودة العسل، بل تؤثر أيضًا في بنية المجتمع النحلي وصحته العامة.
---
رسالتي إلى كل النحالين:
حافظوا على جودة منتجاتكم وسمعتكم المهنية، فالعسل الطبيعي لا يُعوَّض، وهو عنوان الثقة بينكم وبين المستهلك.
ابتعدوا عن تغذية النحل بالسكر أثناء موسم الإنتاج، والتزموا بالممارسات السليمة التي تضمن بقاء العسل نقيًا، كما أراد الله له أن يكون.
فالعسل النقي لا يُصنع في المصانع، بل في زهور الطبيعة وبمهارة النحال الأمين.
عبدالقادر السميطي
دلتا أبين