كشفت الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان عن عمق الشراكة العسكرية المتنامية بين الصين وإسلام آباد، حيث لعب السلاح الصيني دورًا حاسمًا في حسم الصراع لصالح باكستان، وفقًا لما أعلنه الجيش الباكستاني. وقد تمكّنت القوات الباكستانية من إسقاط أحدث المقاتلات الهندية تكنولوجيًا باستخدام منظومات وأسلحة صينية، مما دفع الجانبين لتعزيز هذا التعاون بعد أن أثبت فعاليته.
تُوِّج التعاون بإعلان صفقة أسلحة متطورة تعوّل عليها إسلام آباد بشدة في أي مواجهة مقبلة مع نيودلهي. وتشمل الصفقة منظومة الدفاع الجوي HQ-19 المتقدمة، القادرة على التصدي للأهداف الجوية المتحركة، بالإضافة إلى شراء 40 مقاتلة شبحية من طراز J-35، في أكبر صفقة عسكرية في تاريخ العلاقات بين البلدين. ويرى محللون أن الهند هي الخاسر الأكبر، إذ يُحتمل أن تشعل هذه التطورات مواجهة أشد ضراوة مستقبلًا، خصوصًا أن امتلاك باكستان لهذه القدرات قد يغيّر موازين القوة التقليدية في جنوب آسيا.
و من يتابع الوضع الإقليمي في جنوب آسيا يدرك حجم الدور المتنامي الذي تلعبه الصين في هذه المنطقة، لا سيما في ظل تصاعد التنسيق بين الهند والولايات المتحدة، والتي تُعد خصمًا مباشرًا لبكين في الميادين الاقتصادية والعسكرية. في المقابل، توصف العلاقة بين الصين وباكستان بـ”التحالف الحديدي”، إذ إن أكثر من 85% من منظومة الدفاع الجوي الباكستانية ومقاتلاتها تعتمد على التكنولوجيا الصينية. وخلال الحرب الأخيرة، لم تستخدم إسلام آباد أي من مقاتلات إف-16 الأمريكية، بل اعتمدت كليًا على مقاتلات صينية مثل JF-17 Thunder وJ-10C، ما يعكس عمق هذا التحالف.
أما فيما يخص ما يُقال عن أن الصين استغلت الصراع لاختبار أسلحتها، فلا يمكن الجزم بذلك. ما حدث هو أن باكستان وفّرت ساحة مواجهة حقيقية للأسلحة الصينية، وأظهرت فاعلية غير مسبوقة في مواجهة طائرات مثل “رافال” الفرنسية، التي تُعتبر من رموز الصناعات العسكرية الغربية. المفاجأة، بحسب زعم باكستان، تمثلت في إسقاط عدة مقاتلات رافال بأسلحة صينية، وهو ما لم يكن متوقعًا أمام طائرات يفترض أنها متفوقة تقنيًا.
بالفعل، إسقاط ثلاث مقاتلات “رافال” خلال أيام معدودة كان تطورًا لافتًا، ويؤكد أن الصين لم تجد فقط حليفًا في باكستان، بل وجدت أيضًا مروجًا فعليًا وفعّالًا لأسلحتها. وهذا لا يقلل من قدرات الصين، ولكنه يسلط الضوء أيضًا على مشكلات هيكلية تعاني منها المنظومة الدفاعية الهندية، سواء على مستوى القيادة أو الجاهزية القتالية.
لكن في المقابل، ما الذي يمكن أن تقدمه باكستان لبكين في إطار هذه الشراكة؟
تُعد باكستان الآن بوابة استراتيجية للصين لإثبات فاعلية منظوماتها القتالية. بعد فشل الرافال الفرنسية ومنظومة إس-400 الروسية، بدأت دول كثيرة تراجع عقود تسليحها، سواء لإلغائها أو لإعادة التفاوض بشأنها. الصين استفادت من هذا التحوّل، وبدأت بالفعل توقيع عقود لتصدير مقاتلات JF-17 ومنظومات HQ-9 لدول أخرى مثل أذربيجان، وهو ما يُعد مكسبًا كبيرًا لها على المستوى التجاري والدبلوماسي.
وسيزور الرئيس الأذربيجاني باكستان قريبًا لإتمام إعلان هذه الصفقة رسميًا. ويمكن القول إن الصين، من خلال الحرب الهندية-الباكستانية، لم تروج فقط لمعداتها بل أثبتت قدراتها الفعلية، خاصة بعد استخدام صواريخ PL-15 التي يبلغ مداها أكثر من 300 كلم، رغم أن المدى المعلن له سابقًا كان 140 كلم فقط. وتمكنت باكستان من إسقاط مقاتلات على مسافات غير مسبوقة، ما يُعد تطورًا نوعيًا. لكن في المقابل، يبقى السؤال: كيف ستتفاعل الهند مع هذا التصعيد؟
تدرك الهند جيدًا أن أمامها نافذة زمنية ضيقة للغاية للتحرك، قبل أن تتسلم باكستان أولى دفعات مقاتلات J-35، والتي يُتوقع أن تصل ما بين أغسطس وسبتمبر المقبلين، رغم أن الموعد المبدئي للتسليم كان في العام القادم. وإذا وصلت هذه الطائرات فعلًا، فستكون باكستان أول دولة في المنطقة تمتلك هذا الطراز المتقدم، مما يمنحها تفوقًا جويًا كبيرًا وقدرة على المبادرة وليس فقط الدفاع.
عندئذٍ، لن تكون الأجواء الهندية محصنة كما كانت، بل قد تصبح عرضة لهجمات دقيقة. هذا ما يجعل الهند الآن تدرس خيارات هجومية استباقية قبل أن يتغير ميزان القوى بشكل نهائي.
المصدر: موقع الدفاع العربي