ترغب بريطانيا في شراء طائرات مقاتلة قادرة على إطلاق أسلحة نووية تكتيكية، في إطار توسع كبير في الردع الذي تنفذه منذ الحرب البادرة، بهدف مواجهة التهديد المتزايد الذي تشكِّله روسيا، فيما تمثل الطائرات الأمريكية الصنع الأقرب إلى حكومتها.
مشاورات تكتيكية
وفقًا لصحيفة "ذا تايمز" البريطانية، تجري حكومة رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر محادثات حساسة للغاية حول هذه الخطوة، التي من شأنها أن تمثل أكبر تطور في الردع البريطاني منذ الحرب الباردة، واعترافًا بأن العالم دخل عصرًا نوويًا أكثر خطورة.
ويسعى جون هيلي، وزير الدفاع البريطاني، والأدميرال السير توني راداكين، قائد القوات المسلحة البريطانية، إلى الحصول على طائرات مقاتلة أمريكية الصنع قادرة على إطلاق قنابل جاذبية، بقوة أقل من القنابل النووية التقليدية، وأبدى ستارمر دعمه لهذه الخطوة، فيما يُعتقد أن مناقشات مع البنتاجون جرت بالفعل.
ويستعد رئيس الوزراء البريطاني لإطلاق مراجعة الدفاع الاستراتيجي، الاثنين المقبل، من حوض بناء السفن البريطاني.
ورغم أن المراجعة لا تلتزم تحديدًا بقدرات الإطلاق الجوي، فإنها توصي المملكة المتحدة بتوسيع مساهمتها في الردع النووي المشترك لحلف الناتو في أوروبا.
ردع الخطر
وفي مقابلة مع صحيفة "ذا تايمز"، رفض هيلي التعليق على المحادثات لكنه أقرَّ "بأن بريطانيا يجب أن تتكيف مع العصر الجديد من التهديدات التي تواجهها".
وقال "هيلي" إن "العالم يزداد خطورةً بلا شك وأن المخاطر النووية آخذة في التزايد" مضيفًا: "نواجه الآن، ولأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، مخاطر متزايدة جدًّا لاندلاع صراعات بين الدول".
ونقلت "ذا تايمز" عن مصادر رفيعة المستوى، أن المملكة المتحدة تتطلع إلى شراء طائرة الشبح المقاتلة من طراز F-35A Lightning من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، التي طلبتها القوات الجوية الألمانية مؤخرًا، على الرغم من أن هناك اعتقادًا بأن أنواعًا أخرى من الطائرات قيد الدراسة.
ستشكل هذه الطائرات ركيزةً ثانيةً للردع النووي، ويمكن استخدامها في سيناريوهاتٍ لا ترقى إلى حربٍ نوويةٍ شاملة، كما يمكن نشرها في ساحة المعركة، وهي قدرةٌ لا تمتلكها المملكة المتحدة حاليًا.
تخوفات متزايدة
مع تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتكررة بالتصعيد النووي في السنوات الأخيرة، تتزايد المخاوف من احتمال استخدام موسكو للأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا، أو على الجبهة الشرقية لحلف الناتو.
وبينما من شبه المؤكد أن هذا الأخير سيُثير صراعًا مع الناتو بموجب المادة الخامسة (أي هجوم مسلح على أحد أعضائه يُعتبر هجومًا على جميع أعضائه) إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت ضربة نووية تكتيكية محدودة من روسيا ستؤدي إلى رد نووي شامل.
ويعتقد القادة العسكريون البريطانيون الآن أن المملكة المتحدة يجب أن تكون قادرة على استخدام المزيد من القدرات النووية التكتيكية لردع بوتين.
وفي حين يُمكن إطلاق قنابل ذات قوة تدميرية منخفضة من الغواصات البريطانية، تُثار مخاوف من أنه في مثل هذا السيناريو، لن يتمكن الروس أو غيرهم من الأعداء من التمييز بين الأسلحة النووية التكتيكية والرؤوس الحربية التقليدية القادرة على محو المدن.
قد يُوقِع هذا الخطأ في الحسابات العالم في حرب نووية شاملة، وبدلاً من ذلك، فإن وجود ردع نووي مزدوج المستوى يعني أن المملكة المتحدة وحلفاءها الأوروبيين سيكونون قادرين على تقديم رد واضح ومحدود على أي هجوم روسي.
كانت بريطانيا تحتفظ في السابق بمخزون من الأسلحة النووية التكتيكية وأسطول من طائرات القاذفة V، ولكن تم إخراجها من الخدمة بعد الحرب الباردة