يافع رصد - عبدالحكيم الصيعري:
في زيارة تعكس الشعور العميق بالمسؤولية تجاه الأرض والناس، قام الشيخ الخضر نصر السليماني، منسق الجاليات الجنوبية في العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي، ورئيس جمعية يافع الأمريكية، بزيارة تفقدية إلى مستشفى الشهيد عبدربه جبران الرشيدي (مستشفى رصد العام)، للاطلاع عن كثب على سير أعمال التأهيل الشامل التي يشهدها هذا الصرح الصحي، بتمويل من منظمة اليونبس وتنفيذ شركة الفيصل للأعمال التجارية.
وتُعد مديرية رصد، ذات الامتداد القبلي والتاريخي العريق، من المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في يافع والجنوب عموماً، إذ لعبت دوراً محورياً في مراحل سياسية وعسكرية مفصلية، وكانت حاضرة دائماً في معادلة الدفاع عن الأرض والكرامة. واليوم، تعود إلى الواجهة كميدان للبناء والتنمية بعد أن ظلت لسنوات تعاني من نقص في الخدمات الطبية، رغم كثافة سكانها واتساع نطاقها الجغرافي.
وقد رافق السليماني خلال هذه الزيارة عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم عضو الجمعية الوطنية محمود عبدالرب المقفعي، ورئيس المجلس الانتقالي في مديرية رصد أحمد عوض السعدي، إلى جانب العقيد حسن قماطه مدير أمن رصد، والعقيد فضل علي قماطه مستشار قائد قوات الحزام الأمني، والقاضي فضل عبدالله منصور، والشيخ عبدالقادر محمد محسن، بالإضافة إلى الأستاذ خالد الجيلاني رئيس نقابة المعلمين الجنوبيين بمديرية رصد، ورئيس تحرير موقع وصحيفة “يافع سكاي” الأستاذ عبدالحكيم الصيعري، وقاسم المحرمي، وعدد من قيادات المجلس الانتقالي والشخصيات المحلية والأمنية.
وكان في استقبالهم مدير مكتب الصحة العامة والسكان بمديرية رصد الاخ عادل ناصر بن عبادي السعدي، ومدير مستشفى رصد أمين أحمد شايف، والدكتور توفيق سيف، والمهندس علاء عبيد مدير مشروع الترميم، ومهندس المشروع عارف الدغار، إلى جانب عدد من كوادر الصحة والمهندسين والفنيين.
وخلال الزيارة، اطّلع السليماني على تفاصيل مشروع إعادة تأهيل المستشفى، الذي شمل أعمال ترميم وتحديث شاملة في أقسام العمليات والطوارئ، قسم الرجال والنساء، والأشعة، إلى جانب إنشاء مبانٍ خدمية جديدة وتزويد المستشفى بأنظمة كهرباء وتهوية واتصالات حديثة، تلبي المعايير الطبية العالمية. وقد عبّر عن ارتياحه لما تم تحقيقه، واعتبر ما يجري في مستشفى رصد مثالاً على التغيير الممكن عندما تتوفر الإرادة وتتكامل الجهود.
كما شملت التحسينات إدخال أنظمة تقنية حديثة، مثل منظومة استدعاء الممرضات، ونظام إنذار مبكر للحريق، وشبكة بيانات بكابلات “فايبر أوبتك”، ومحطات لتوليد الأوكسجين والهواء النقي، ومنظومة شفط السوائل، ونظام تكييف مركزي، ومحطة لتحلية المياه، بالإضافة إلى منظومة UPS ومولد كهربائي بقدرة عالية لتأمين استمرار العمل في غرف العمليات والأجهزة الحساسة.
غير أن السليماني شدد على أن البنية التحتية وحدها لا تكفي، ما لم تُعزز بكوادر طبية متخصصة ومؤهلة، قادرة على استثمار هذه التجهيزات وتحويلها إلى خدمة فعلية للمواطن. وأشار إلى أن استمرار غياب الكادر البشري يشكل تحدياً يستوجب تحركاً جماعياً من السلطات والمغتربين وأهل الخير.
وفي ختام الزيارة، دعا السليماني إلى حماية هذا المنجز من أي عبث أو إهمال، مؤكداً أن الحفاظ على مثل هذه المشاريع مسؤولية جماعية، وأن مستشفى رصد ليس مجرد مبنى، بل رمز لصمود منطقة لها مكانتها في الوجدان الجنوبي والتاريخ الوطني. كما جدد الدعوة إلى دعم هذه المنشأة بكل الوسائل الممكنة، حتى تؤدي دورها الكامل في خدمة أبناء رصد وسرار وسباح، والمناطق المجاورة كافة.
إن ما تشهده رصد اليوم ليس فقط عملية تأهيل لبناء، بل بداية لمسار تنموي يعيد للمنطقة مكانتها المستحقة، ويعكس وعياً متقدماً بأهمية الاستثمار في الإنسان والمكان، في وقت تتطلع فيه البلاد إلى مستقبل أكثر توازناً وإنصافاً.