آخر تحديث :الأربعاء-04 يونيو 2025-03:06ص
أخبار وتقارير


همس اليراع ..اللواء صالح الشعملي في ذمة الله

همس اليراع ..اللواء صالح الشعملي في ذمة الله
الأحد - 01 يونيو 2025 - 08:59 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/ خاص

كتب/د.عيدروس نصر

بكل حُزنٍ وأسى تلقيت صباح اليوم الأحد الموافق الأول من يونيو 2025م نبأ وفاة الشخصية الوطنية والأمنية والاجتماعية المحترمة، اللواء صالح الشعملي، بعد معاناة طويلة مع عدة أمراض أقعدته الفراش، وفي المقدمة الفشل الكلوي المتصل مباشرة بداء ارتفاع السكر الذي عانى منه الفقيد لسنوات.

صالح الشعملي من الشباب الأوكتوبريين الذين انخرطوا في أنشطة مقاومة الاستعمار في مرحلة التعليم والحياة الشبابية من خلال القطاع الطلابي للجبهة القومية، وبعد الاستقلال تبوأ الفقيد مهمات قيادية وتنفيذية عديدة في إطار سلك الشرطة الشعبية وكانت كتاباته في مجلة الحارس وصحيفتي 14 أكتوبر والثوري تنبئ عن موهبة كتابية وفكرية واعدة ومميزة.

لن أسترسل كثيراً في تناول سيرة حياة هذا الفقيد الكبير لكنني أعيد نشر ما كنت قد كتبته عنه ذات يوم حينما كان يحجري غسيلاً للكلى في أحد مستشفيات صنعاء منذ نحو سنة ونصف.

مقدماً إلى أسرة الفقيد وأولاده وإلى أسرة أخيه المرحوم المستشارين عبد الرحمن الشعملي وكل آل الشعملي وجميع زملاء الفقيد وأصدقائي ورفاقه ومحبيه بأصدق مشاعر العزاء والمواساة داعياً الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.

__________

همس اليراع

١٨ يناير ٢٠٢٣م

المناضل اللواء صالح الشعملي

ـــــــــــــــــــــــــــــ د. عيدروس نصر

كان اسمه دائم الحضور على صفحات صحيفة الحارس والثوري و١٤ اوكتوبر وعلى تلفاز وإذاعة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عدن، سواءٌ ككاتب ومتحدث إعلامي متميز، او كشخصية أمنية معروفة ثم كرئيس اتحاد الشرطة الرياضي.

ليس هذا هو كل اللواء صالح الشعملي بل هناك الكثير والكثير مما يجب قوله عن الرجل، لكنني سأكتفي بالإشارة إلى إنه كان أحد أفراد القطاع الطلابي للجبهة القومية إبان فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني.

لست بصدد كتابة السيرة الذاتية للرجل الذي قضى أكثر ستين عاماً من عمره في معمعان الحياة النضالية المدنية والأمنية والسياسية والثقافية والإعلامية، ولم ينل من وراء كل هذا أية مصلحة عينية أو معنوية لأنه أصلا ليس مفطوراً على هذا النوع من السلوك أو النزوع، لكنني أشير إلى أن اللواء الشعملي تدرج في سلك الشرطة الشعبية منذ منتصف الستينات حتى وصل إلى رتبة اللواء المقعد إجباريا، ولم يأخذها هدية من أحد أو مكافأة لمنشور أو تغريدة في مدح الزعيم أو الإشادة بالمنجزات الغائبة.

بعد ١٩٩٤م بقي صالح الشعملي بكل قيمه الأخلاقية وتاريخه ناصع النقاء ومواقفه وثقافته الوطنيتين، بقي في منزله ضمن ما أطلق عليه حينها بـ(حزب خليك بالبيت) أكبر حزب في تاريخ الجنوب واليمن الذي شمل أكثر من نصف مليون نسمة هم كل الكادر القيادي والمتوسط والأدني لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كل هذا الكادر الذي بقي "في البيت" باستثناء عددٍ ضئيلٍ منهم من أجبرته هذه الظروف على النزوح القسري إلى الخارج القريب والبعيد الممتد من الولايات المتحدة وكندا مرورا باوربا الغربية وبلدان أفريقيا والخليج حتى ماليزيا وإندونيزيا والصين، لكن صالح بقي في منزله بصنعاء منتظراً آخر كل شهر ما تبقى من راتبه الذي تضاءلت قيمته الشرائية إلى ما يقارب الثُمن (برفع الثاء والميم) .

كل هذه الخواطر راودتني عندما شاهدت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي للواء صالح الشعملي على سرير الغسيل الكلوي بأحد مستشفيات عدن، وعلمت أنه يجري الغسيل جلستين في الأسبوع.

الفشل الكلوي حالة منتشرة في بلادنا لأسباب عديدة يصعب حصرها، لكن مخاطر الفشل تكمن في غياب وسائل وأدوات الرعاية الكافية لضحاياه في بلد كبلادنا، حيث لو تعطل الجهاز أو توقفت الكهرباء قد تؤدي إلى كارثة بكل معنى الكلمة.

لم أكن أتمنى أن يؤول حال مناضلٍ مثل اللواء صالح الشعملي إلى هذا المآل المؤلم، لكن مثل هذا المآل في حالة بلادنا أمرٌ له بعدين:

البعد الموضوعي وهو التعرض للإصابة لأسباب مرضية وعضوية خارجة عن إرادة الإنسان.

والبعد الآخر ويتصل بسياسات التعامل مع المواطنين ومنهم المعارضين على وجه الخصوص، وصالح الشعملي من هذا النوع النبيل الذي يرفض المنكرات بوسائل عديدة أحدها الصمت الغاضب.

إنها دعوة أتوجه بها إلى السلطة الشرعية ممثلة بمجلس الرئاسة ومكوناته السياسية وحكومة ما تسمى بـ"المناصفة" إلى منح المناضل الشعملي حقه في الرعاية الصحية التي يحصل عليها الصبية (المناضلين) ممن تاريخهم النضالي يكاد لا يزيد على منشور على فيس بوك او تغريدة على تويتر وفي أحسن الحالات مقابلة مع قناة تلفيزيونية.

أشير هنا إلى المكونات السياسية لمجلس الرئاسة، وفي هذا السياق لا اعفي الزملاء في المجلس الانتقالي من واجب الإسراع في إنقاذ الرجل إذا ما تمنعت الرئاسة والحكومة (كعادتهما) عن واجبهما في إنقاذ هذا المناضل العفيف النظيف.

والتحية وصادق التمنيات بالشفاء العاجل للمناضل اللواء صالح الشعملي حفظه الله من كل مكروه.