كنب/عبدالرقيب الشنبكي:
في خضم ما يشهده الجنوب من تحولات سياسية بالغة التعقيد، وفي زحمة الأصوات المتباينة، يجب أن نتمسك ببوصلة العقل والحكمة. رفقاً بالمجلس الانتقالي الجنوبي، فهو ليس كياناً طارئاً وُلد من فراغ، بل ثمرة نضال طويل، ومخاض وطني عسير، وإرادة شعبية متجذرة منذ سنوات الاجتياح والاحتلال.
المجلس الانتقالي الجنوبي ليس معصوماً من الخطأ، لكنه في الحقيقة الممثل السياسي الوحيد الذي نبع من معاناة الجنوبيين وتطلعاتهم، وحمل على عاتقه عبء القضية الجنوبية في المحافل المحلية والدولية، ووضعها في صدارة النقاشات الإقليمية والدولية بعد سنوات من التهميش والتغييب.
ليس من الحكمة، بل من الخطر، أن نهدم هذا المعبد السياسي بأيدينا، أو أن نستبدله بالفراغ، فقط لأننا نختلف مع بعض السياسات أو القرارات. فالبديل عن وجود قيادة سياسية موحدة ليس "التعدد الديمقراطي"، بل الفوضى والضياع والتشظي، وهو ما لن يخدم سوى أعداء الجنوب، ويمنح خصوم قضيتنا أوراق ضغط إضافية ضد مشروعنا التحرري.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي، برغم التحديات والأخطاء، يمثل اليوم حصن الجنوب السياسي، وسقف النضال الوطني، وأهم منجز سياسي تحقق منذ اجتياح جحافل صنعاء للجنوب في عام 1994 م وحتى اليوم. ومهما كانت الملاحظات أو الرؤى التصحيحية، فمكانها داخل البيت الجنوبي، ومن خلال مؤسساته، وليس عبر الحملات الإعلامية الممنهجة أو محاولات التشويه المتعمد التي لا تستهدف شخصاً أو قيادة، بل تستهدف الروح الجنوبية ذاتها.
لذلك نقول: رفقاً بالمجلس، لأنه رفقٌ بالجنوب وقضيته. ورفقاً بالمؤسسة التي أصبحت هي العمود الفقري لمشروع استعادة الدولة، والرافعة السياسية للنضال الوطني. ولنعلم أن تعزيز المجلس وتطويره وإصلاحه من الداخل هو مسؤوليتنا جميعاً، وليس مسؤولية القيادة فقط.
ختاماً، نحن لسنا بحاجة لهدم المعبد، بل إلى ترميمه، تقويته، وفتح نوافذه لكل الطاقات الجنوبية المخلصة. فلا مستقبل للجنوب دون حامل سياسي قوي، والمجلس الانتقالي هو هذا الحامل اليوم، شاء من شاء وأبى من أبى.