آخر تحديث :الخميس-16 أكتوبر 2025-11:28م
أخبار وتقارير


الدكتور عبدالله السعدي: نبضٌ يتحدى الصعاب ويبعث الأمل في مستشفى الرازي بجِعَّار

الدكتور عبدالله السعدي: نبضٌ يتحدى الصعاب ويبعث الأمل في مستشفى الرازي بجِعَّار
الخميس - 16 أكتوبر 2025 - 08:07 م بتوقيت عدن
- أبين تايم/خاص

كتب: خالد جندال – أبين


في زمنٍ كثرت فيه الشكاوى من تراجع الخدمات الصحية، تبرز قياداتٌ كالشموع، تحترق لتنير الدرب وتعيد الحياة إلى مؤسسات كانت على وشك الاندثار. إنه الدكتور الجراح عبدالله السعدي، رئيس هيئة مستشفى الرازي العام بمدينة جِعَّار في محافظة أبين، الذي لم يكن مجرد مدير، بل كان رسولًا للعمل، والتفاني، والإخلاص.


القيادة بالقدوة: 24 ساعة في خدمة الحياة


لا يمكن الحديث عن الدكتور السعدي دون التوقف عند تفانيه النادر. فلم يجعل من مكتبه قفصًا مغلقًا، بل اتخذ من المستشفى بيتًا ثانيًا. يُداوم في أقسام المستشفى على مدار 24 ساعة، ولا يغادره إلا في أيام العطلات، متجهًا إلى عدن، ليعود بأقصى سرعة، محملًا بالهمة والعزيمة التي لا تنضب. هذه القيادة بالقدوة كانت الرسالة الأقوى للعاملين معه: "المستحيل مجرد كلمة".


من الصفر: معجزة الصيانة والتجهيز


لم يكن مستشفى الرازي كما نراه اليوم. فقد وجده الدكتور السعدي يعاني من إهمالٍ طال أمده، فقرر أن يبدأ من الصفر. أشرف بنفسه على عمليات الصيانة الشاملة، وأعاد الروح إلى الجدران والأنفس. وفي خطوة حاسمة خلال ذروة الأزمات الصحية، عمل على توفير أجهزة الأوكسجين التي شكّلت شريان حياة للمرضى، مجسّدًا مقولة "الوقت من ذهب".


العدالة والتحفيز: شركاء في النجاح


يؤمن الدكتور السعدي بأن الرأس لا يعمل بمعزل عن الجسد، فلم يبخل على العاملين الذين وقفوا إلى جانبه. فقام بتوزيع أموال المنظمات المخصصة للمشاريع والدعم بشكل عادل على جميع العاملين المداومين، معتبرًا إياهم شركاء حقيقيين في عملية النهضة. وقد أسهم هذا التقدير المادي والمعنوي في خلق جو من التنافسية الإيجابية والانتماء المؤسسي.


طفولة تتنفس الأمل: مركز الخدج و15 حاضنة


من أبرز إنجازاته التي تلامس شغاف القلب، افتتاح مركز الخدج. لم يكن مجرد قسم جديد، بل كان حلمًا تحقق للأطفال المبتسرين وذويهم. حرص الدكتور السعدي على تزويد المركز بـ 15 حاضنة حديثة، محولًا إياه إلى واحة آمنة لهؤلاء الأبطال الصغار، ما ساهم في خفض معدلات وفيات المواليد الجدد بشكل ملحوظ.


نقلة نوعية شاملة: التنظيم والتمكين


أدرك الدكتور السعدي أن الفوضى عدو الإنجاز، فقام بتنظيم العمل وفق أسس علمية حديثة، وآمن بمبدأ تفويض الصلاحيات، مانحًا كل قسم صلاحياته الكاملة. هذا النهج حرّر الطاقات، وقلّل من الروتين البيروقراطي، وحوّل كل قسم إلى وحدة منتجة ومسؤولة.


الطوارئ: من نقطة ضعف إلى قصة نجاح


كان قسم الطوارئ شاهدًا على إحدى أكبر التحولات. أجرى الدكتور السعدي نقلة نوعية فيه، فزوّده بأسِرّة جديدة، وفرشه بشكل كامل، محولًا إياه من مكان مكتظ ومُهمَل إلى بيئة صحية عالية الاستجابة تستقبل الحالات الحرجة بكفاءة.


الإنسان قبل كل شيء: المتابعة والتواضع


وراء كل هذه الإنجازات المادية، هناك قلب كبير وإنسانية نادرة. فالدكتور السعدي لا يكتفي بالمتابعة الإدارية من خلف المكتب، بل يحرص على متابعة المرضى بنفسه، والاطمئنان على أحوالهم، والاستماع إلى همومهم. أخلاقه العالية وتواضعه الجم جعلاه قدوة ليس فقط كطبيب ومدير، بل كإنسان. إن حبه للعمل وروحه المتواضعة يشكلان الوقود الذي يدفع الجميع إلى الأمام.


خاتمة


لم ينهض الدكتور عبدالله السعدي بمستشفى الرازي عبر الميزانيات والإجراءات فحسب، بل نهض به بقلبه وإرادته. لقد أثبت أن الإدارة الناجحة هي التي تضع الإنسان – مريضًا كان أو عاملًا – في صلب اهتمامها. إنه بحق نموذج مشرّف للقيادة الطبية الواعية، وقد سطّر بجهوده ملحمة إنسانية ستظل محفورة في ذاكرة أبناء محافظة أبين.